خامنئي وجه الكتل النيابية الإيرانية لمنع ترشح رفسنجاني وكروبي
لندن: علي نوري زاده
من سيكون أكثر حظا لتولي منصب «تداركجي» او كما وصفه مهندس الاصلاحات وكبير مستشاري الرئيس الايراني محمد خاتمي، الدكتور سعيد حجاريان بـ«حاجب الدولة» في ايران بعد خاتمي؟
ان كلمة «تداركجي» التي دخلت اللغة الفارسية من اللغة التركية تطلق على من كان يتولى في بلاط شاهات القاجار في القرن التاسع عشر مهام «الخادم الموثوق به والمسؤول عن ادارة شؤون بلاط الشاه» و«حاجب الدولة» له المعنى ذاته، اضافة الى كونه مسؤولا ايضا عن اختبار درجة سخونة المياه حينما كان الملك القاجاري يقرر الذهاب الى الحمام.
وحسب تعبير حجاريان في خطابه الموجه الى مخيم مكتب تعزيز الوحدة الطلابي في مستهل الاسبوع الجاري، فان رئيس الجمهورية في جمهورية ولاية الفقيه ليس رئيسا للجمهور حتى ولو كانت في جعبته اصوات الشعب الايراني بكامله، بالنظر الى ان شرعية انتخابه لن تتحقق الا بتوقيع المرشد الاعلى للجمهورية على كتابة رئاشسته.
كما ان رئيس الجمهورية خلافا لبقية الجمهوريات في العالم، ليس رئيسا للنظام الذي يرأسه فعليا شخصا تفوق سلطته سلطات الملوك والسلاطين والرؤساء مدى الحياة، إذ يصرح الدستور الايراني بأن المرشد الاعلى يشرف على السلطات القضائية والقانونية والتنفيذية والجيش والقوات المسلحة واجهزة الامن، وفي الوقت نفسه لا يحق لأي شخص وأي جهة مساءلته او تحديد سلطاته وصلاحياته. هكذا لا يمكن اعتبار خاتمي على سبيل المثال الذي انتخبه اكثر من 24 مليون ناخب رئيسا للنظام ولا رئيسا للبلاد وجمهورها، بل انه «موظف كبير» في بلاط المرشد الاعلى تقتصر مهمته في الوقت الحاضر على تجميل وجه النظام في الخارج والتقليل من حدة غضب الشارع حيال النظام في الداخل.
وبعد ان اعلن المهندس مير حسين موسوي رئيس وزراء ايران في عهد الامام الخميني (أي قبل الغاء المنصب من قبل هاشمي رفسنجاني وعلي خامنئي بمساعدة احمد الخميني في آخر ايام حياة الامام الخميني في عملية صورية لتعديل الدستور)، انصرافه عن الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ممثلا التيارات الاصلاحية، يواجه الاصلاحيون خيارات صعبة في الوقت الذي تدل المؤشرات لدى الجانب الآخر، أي الجبهة المناهضة للاصلاحات كافة، على ان المرشد الاعلى لن يسمح بتكرار تجربة الثاني من الجوزاء (مايو/ايار 1997) ومجيء «خاتمي آخر»، إذ ان خامنئي قد اختار مرشحه وهو علي اكبر ولايتي وزير الخارجية السابق دون ان يرفض مشاركة مرشحين آخرين ممن يثق بهم في الانتخابات مثل علي لاريجاني المدير السابق للاذاعة والتلفزيون ومحسن رضائي قائد الحرس السابق واحمد توكلي النائب المحافظ في البرلمان، وغيرهم لتسخين اجواء الانتخابات. بينما الاصلاحيون عقب خروج موسوي من معركة الانتخابات، يدركون جيدا ان المرشحين المفضلين عندهم ممن يحظون بالحماية الشعبية وثقة الطلبة والنساء والمثقفين من امثال المهندس محسن سازكارا مساعد رئيس الوزراء الاسبق ومدير اول صحيفة حرة اصلاحية في ايران، وهي «جامعة» التي جرى وقفها بعد أقل من سنة من صدورها، وعزت الدين سحابي الشخصية البارزة في التيار الوطني الديني ومساعد رئيس الوزراء بعد الثورة والمهندس عباس أمير انتظام من قادة الجبهة الوطنية والملقب بـ«مانديلا ايران» نظرا لثلاثة وعشرين عاما قضاها في السجن بعد الثورة، علما انه كان مساعدا لمهدي بازركان اول رئيس للوزراء بعد الثورة، وايضا يعرف الاصلاحيون ان مجلس صيانة الدستور سيرفض ترشيح جنرالات الاصلاح مثل عبد الله نوري وزير الداخلية السابق ومحمد رضا خاتمي أمين عام جبهة المشاركة ونائب رئيس البرلمان السابق. وبهزاد نبوي زعيم تنظيم مجاهدي الثورة الاسلامية. مما يجعل خيارهم محدودا بين مهدي كروبي الذي يرفض أركان القيادة الاصلاحية دعمه بسبب شيخوخته وكونه من رجال الدين، ورفسنجاني الذي يعتقد بعض شبه الاصلاحيين بأنه الشخص الوحيد القادر على التصدي للمرشد الروحي وجماعته، بيد ان خامنئي الذي لم يعد يرغب في ان تتحول رئاسة الجمهورية الى قاعدة سلطة ونفوذ منافسه له، قد وجه تعليماته الى الكتل النيابية التابعة له بتقديم لائحة فورية الى البرلمان لتحديد الحد الاعلى لسن المرشح في الانتخابات الرئاسية بخمسة وستين عاما للحيلولة دون ترشيح كروبي ورفسنجاني، في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
هكذا وفي حالة استمرار الوضع في ايران كما هو، ستتحقق توقعات الدكتور سعيد حجاريان في يونيو (حزيران) المقبل، بحيث سيتم انتخاب «تداركجي» او «حاجب دولة» جديد ولن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات المذكورة مصدر اهتمام خامنئي ورجاله بقدر ما هو مهم لهم لون وانتماء حاجب الدولة، الذي حسب حجاريان:
أ ـ قد يكون توجهه عسكريا وأمنيا، بمهمة قمع وكبت الحريات وتصفية القوى المطالبة بإصلاح النظام.
ب ـ قد يكون نصف اصلاحي، بهدف إرضاء الاجانب وتقديم تنازلات اليهم مقابل صمتهم ازاء ما سيجري في ايران واغلاقهم الملفات النووية وحقوق الانسان.
ج ـ قد يكون اصلاحيا ولكن بلا سلطة مثل خاتمي للقيام بمهمة تجميل وجه النظام في الخارج وتضليل الرأي لعام في الداخل بأن ما يشاهدونه ليس شبحا للاصلاحات.
د ـ قد يكون ثائرا إذ يأتي بدعم السلطة وينقلب عليها مثل «كرومويل» الذي انقلب على الملك تشارلز والدكتور محمد مصدق الذي قاد ثورة تأميم النفط في ايران.
على أية حال ان الرئيس المقبل لإيران لن يكون رئيسا للجمهورية ولا رئيسا للنظام، بل موظفا في بلاط خامنئي مثله مثل حاجب الدولة، وتداركجي في بلاط ناصر الدين شاه القاجار في القرن التاسع عشر.
عـــودة إلى عنــاوين الأخبـــار
October 20, 2004 12:23 PM