الإصلاحيون الإيرانيون يسعون لإقناع مير حسين موسوي بالترشح للرئاسة
لندن: علي نوري زادة
«واخيرا تغلب الاحساس بالمسؤولية على تردد الشيخ وقرر خوض الانتخابات الرئاسية المزمع اجراؤها في 17 يونيو (حزيران) المقبل».
بهذه العبارة، اعلن رضا سليماني مسؤول مكتب رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في ايران هاشمي رفسنجاني عن قرار رئيسه للترشح في الانتخابات، مغلقا بذلك باب التكهنات حول خوضه او عدم خوضه الانتخابات.
دخول رفسنجاني المعركة حسب معظم المراقبين، سيسفر عن تطورات مفاجئة ومثيرة خلال اليومين المقبلين، بحيث سيتم تسجيل اسماء المرشحين بوزارة الداخلية تمهيدا للتحقيق والتحري من قبل اللجان المسؤولة بالوزارة حول ماضيهم وآرائهم ومدى ولائهم للنظام وولاية الفقيه. وكان عدد من المرشحين المحسوبين على التيار المحافظ مثل الدكتور علي اكبر ولايتي وزير الخارجية السابق والمستشار الاعلى للشؤون الدولية لمرشد النظام علي خامنئي، قد سبق ان اعلنوا بأنهم سيسحبون ترشيحهم في حالة ترشح رفسنجاني في الانتخابات، كونه عرابا قادرا على حل المشاكل التي يواجهها النظام من كل جهة في الداخل وعلى صعيد علاقات ايران الدولية، وترشيح رفسنجاني سيؤدي، حسب مصدر قريب من الاصلاحيين، الى انشقاق بين الاصلاحيين علما ان جبهة المشاركة القريبة من الرئيس محمد خاتمي تدعم ترشيح وزير التعليم العالي السابق الدكتور مصطفى معين، فيما علماء الدين الاصلاحيون يدعمون ترشيح مهدي كروبي رئيس البرلمان السابق. وعلمت «الشرق الأوسط» ان مباحثات الساعة ما قبل الاخيرة بين اقطاب التيار الاصلاحي مع رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي الذي يحظى بشعبية واسعة بين الطبقات الفقيرة والعمال ورجال الحرس، كانت تهدف لاقناعه بالترشح في الانتخابات وظلت متواصلة مساء امس بعد ان حدد موسوي شرطين لقبوله الترشح هما ان تكون قوات الامن خاضعة لاشراف الحكومة، وان يتم انشاء هيئة اذاعة وتلفزيون مستقلة تعكس مواقفه وآراء الحكومة والقوى الناشطة في الساحة بعد ان تحولت الاذاعة والتلفزيون الى منبر دعائي تحت هيمنة المرشد والمحافظين.
ومثلما ان مرشد الجمهورية علي خامنئي يعارض بشدة ترشيح رفسنجاني في الانتخابات، فانه يعارض ايضا ترشيح مير حسين موسوي الذي لم ينس المواطنون خلافاته العميقة مع خامنئي حينما كان موسوي رئيسا للوزراء وخامنئي رئيسا للجمهورية، وأحد اسباب الغاء منصب رئيس الوزراء في أواخر حياة آية الله الخميني في تعديلات جرت في الدستور بناء على رغبات رفسنجاني وخامنئي، كان تداخل سلطتي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في بعضها البعض. وحتى يعلن موسوي، الذي سبق ان رفض الحاحات خاتمي وانصاره للترشح في الانتخابات، رأيه النهائي خلال الـ48 ساعة المقبلة، سيظل التنافس الحقيقي محصورا بين هاشمي رفسنجاني ممثلا الحرس القديم والبازار ورجال الاعمال وبعض الاصلاحيين المؤمنين بتقدم الاصلاح الاقتصادي على الاصلاح السياسي (مؤيدي الاصلاحات العينية)، وبين مصطفى معين مرشح الاصلاحيين التقدميين (جبهة المشاركة، منظمة مجاهدي الثورة الاسلامية، وبعض التنظيمات الطلابية والنخب الفكرية المؤمنة بضرورة المشاركة في الانتخابات)، والعميد الطيار محمد باقر قاليباف قائد الشرطة السابق الذي يحظى بدعم المرشد والاصوليين الجدد واجهزة الاستخبارات والامن، وعلي لاريجاني المدير السابق للاذاعة والتلفزيون وممثل المرشد في المجلس الاعلى للامن القومي الذي يدعمه اليمين التقليدي وتنظيمات محافظة مثل جمعية المؤتلفة ورابطة علماء الدين المناضلين، واخيرا هناك الدكتور الجنرال محسن رضائي قائد الحرس السابق وامين مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يعتمد على دعم بعض كوادر الحرس وسكان الريف والمناطق النائية، إذ ينتمي رضائي خلافا لبقية المرشحين الى اسرة فقيرة في مدينة مسجد سليمان بمحافظة خوزستان، وكان والده راعيا للغنم وهو يعتز بذلك، كما ان اسمه، لم يرد في الفضائح المالية او جرائم مثل الاغتيالات السياسية. وأكد مصدر قريب من مكتب هاشمي رفسنجاني انه سيفاجئ الجميع خلال الايام المقبلة «بالكشف عن برامجه المثيرة للغاية، وانه لا يأتي لتولي الرئاسة لأربعة اعوام فحسب، بل من اجل تغيير منهج الحكم وذلك بحصر سلطات الولي الفقيه وفتح ابواب الحكم امام التيارات والاحزاب التي ظلت الابواب سوى ابواب السجون مغلقة حيالهم». كما انه حسب قول المصدر سيعلن قراره بمعاودة الحوار مع الولايات المتحدة تمهيدا لاستئناف العلاقات بين البلدين.
ومقابل تفاؤل انصار رفسنجاني بفوزه في الانتخابات، هناك احتمال بأن تتكرر مأساة الانتخابات البرلمانية قبل السابقة لرفسنجاني حسب الكاتب والمحلل البارز الدكتور زيد آبادي، علما بأن رفسنجاني فشل في احراز موقع متقدم في قائمة نواب طهران في الانتخابات، مما ادى الى انصرافه عن تسلم كرسيه في البرلمان. من جهة أخرى فان الاوساط القريبة من مكتب المرشد شنت حربا عنيفة ضد رفسنجاني واسرته منذ فترة عبر منابرها الاعلامية وبتوزيع اشرطة مدمجة تحوي معلومات حول انشطة ابناء واقارب رفسنجاني التجارية.
ويعتقد بعض المراقبين انه في ظل قرار اغلبية القوى المعارضة بمقاطعة الانتخابات وعدم اهتمام الشارع الايراني خلافا للانتخابات الرئاسية السابقة، يتمتع رفسنجاني بقدر كبير من الحظ كي يفوز في الانتخابات، بأصوات قد تصل الى 60 في المائة من الناخبين الذين سيصوتون. وتقدر وزارة الداخلية حجم المشاركة في الانتخابات ما بين 40 و50 في المائة، ممن لهم حق التصويت، بينما القوى المعارضة تأمل بألا يتجاوز هذا الحجم ثلاثين في المائة.
May 11, 2005 03:26 AM