خاتمي يحذر من «صخب دكتاتوري» و«الانحراف تحت غطاء المقدسات»
إيران: اتهامات لاذعة بين الإصلاحيين والمحافظين .. والداخلية تحذر من «تزوير» النتيجة في الدورة الثانية
طهران ـ لندن: «الشرق الأوسط»
تبادل أنصار المرشحين في انتخابات الرئاسة الإيرانية النقد اللاذع امس في السباق المحتدم بين رجل الدين البراجماتي علي اكبر هاشمي رفسنجاني ومنافسه المتشدد رئيس بلدية طهران، ويأتى ذلك فيما حذرت وزارة الداخلية الايرانية من خطر حصول عمليات تزوير في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية اكبر من تلك التي حصلت في الدورة الاولى.
وقال مهدي كروبي رجل الدين الاصلاحي الذي خرج من الجولة الاولى ويدعم رفسنجاني حاليا لصحيفة «افتابي يزد» :«لا تفقدوا الامل. احتكموا الى العقل عند الادلاء بأصواتكم من أجل الاسلام وإيران ومحاربة التخلف والسعي وراء السلطة». كما دعا الرئيس الإيراني محمد خاتمي ضمنا مجددا الى دعم رفسنجاني في الدورة الثانية في نداء من أجل التصويت لـ«الاعتدال» وضد «العودة الى الوراء»، وذلك في اول خروج عن موقفه المحايد من الانتخابات الرئاسية الايرانية.
وحث خاتمي في تصريح تمت تلاوته عبر التلفزيون الايراني الرسمي مواطنيه بمن فيهم الذين امتنعوا عن التصويت في الدورة الاولى، الى «المشاركة الكثيفة» في الدورة الثانية من اجل «اثبات ان الاصلاح الممزوج بالاعتدال والتفهم للوضع التاريخي ضوء لا يمكن لأي عاصفة ان تطفئه».
كما حض الرئيس الايراني على «الوقوف في وجه العنف والعودة الى الوراء والدفاع عن السلام القائم على العدالة». وتحدث خاتمي قبل ثلاثة ايام من الدورة الثانية عن «صخب دكتاتوري» منددا بما سماه «الانحرافات تحت غطاء المقدسات». وتابع «أدعو الناخبين بمن فيهم الذين لم يشاركوا في الدورة الاولى، الى المشاركة بكثافة في الدورة الثانية (..) والى وضع مستقبل البلاد بين ايدي من سيدافع بصدق عن الحرية». وفي مواجهة التشكيك في احتمال حصول عمليات تزوير في الدورة الثانية، قال خاتمي «اعطي ضمانتي بان أية مجموعة لن تتمكن من تهديد الانتخابات ولا ارادة الشعب ولا الطابع الجمهوري للنظام الايراني».
كما دعت جبهة المشاركة، أبرز حزب إصلاحي برئاسة شقيق الرئيس الايراني محمد رضا خاتمي، الى التصويت لرفسنجاني في الدورة الثانية «من اجل تجنب كارثة»، مشيرة الى ان هذا الدعم «لا يجب ان يكون مشروطا». وقال شقيق المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الليبرالي هادي خامنئي من جهته ان «ايران على مفترق طرق تاريخي وصعب». واضاف «رفسنجاني هو الخيار الافضل. الخيار السيئ قد يقودنا الى هوة عميقة». كما اعلن آية الله جلال الدين طاهري الذي يحظى بشعبية كبيرة بين الايرانيين من اصفهان، دعمه لرفسنجاني.
كما دعا المرشح المحافظ الخاسر في الانتخابات الرئاسية الايرانية محمد باقر قاليباف ضمنيا الى التصويت ضد نجاد. ودعا بيان نشر على موقع قاليباف الالكتروني الى اختيار «الاعتدال وتجنب التطرف والدفاع عن القيم الاسلامية الحقيقية التي ارساها الامام الخميني». وأضاف البيان «الذين صوتوا في المرحلة الاولى للدفاع عن هذه القيم والذين عملوا في الحملة أحرار باختيار المرشح الذي يبدو لهم اقرب الى هذه المعايير». وفي بيان آخر، قال انصار قاليباف انهم سيتوجهون الى مراكز الاقتراع تحت شعار «لا لأحمدي نجاد. سنصوت لرفسنجاني». وفي المقابل، يؤكد انصار احمدي نجاد ان هذا الاخير حصل على أصوات الشعب، لانه يهتم به ويعمل على معالجة مشاكله. وقال رئيس حراس الثورة رحيم صفوي ان «على الحرس الثوري (الباسدران) والميليشيات الاسلامية (الباسيج) بكل مستوياتهما تجنب الترويج لأي من المرشحين». إلا انه قال ايضا ان المشاركة في الدورة الثانية «واجب وبالتالي على كل الباسيج والباسدران ان يقوموا بتعبئة قوية للناخبين». وامر القائمقام قدرة الله نوروزي في اصفهان التي اعطت 45% من أصواتها في الدورة الاولى الى احمدي نجاد، بنقل بعض مراكز الاقتراع من المساجد الى مدارس ومبان عامة من اجل محاولة حمايتها من تدخل الميليشيات الاسلامية.
ومن ناحيتها، حذرت وزارة الداخلية الايرانية الثلاثاء من خطر حصول عمليات تزوير في الدورة الثانية أكبر من تلك التي حصلت في الدورة الاولى من جانب «بعض الاشخاص المستعدين لكل شيء مقابل البقاء في السلطة». وقال المتحدث باسم الداخلية جهانبخش خانجاني للصحافيين ان «اشخاصا ينتمون الى مؤسسات مهمتها حماية الاشخاص وفرض النظام حاولوا طمعا بالسلطة توجيه الاقتراع والتلاعب به» في الايام التي سبقت الدورة الاولى الجمعة الماضي. ومنذ تأهل المرشح المحافظ المتشدد محمود احمدي نجاد بشكل مفاجئ الى الدورة الثانية من الانتخابات، ارتفعت احتجاجات تتحدث عن «تزوير» في العملية الانتخابية من اجل «ايصال مرشح معين من خلال صناديق الاقتراع».
وتحدث المحتجون عن تزوير في الاصوات التي اسقطت في الصناديق وعن شراء اصوات وتدخل مجلس صيانة الدستور وحراس الثورة والميليشيات الاسلامية في العملية الانتخابية.
ويقول خصوم احمدي نجاد ان مجلس صيانة الدستور المكلف الاشراف على الانتخابات وبعض القوى العسكرية قامت بتعبئة منظمة خلال الساعات الاخيرة من الانتخابات، لصالح احمدي نجاد، في صفوف المنظمات الاسلامية الراديكالية والجيش. وأمر مجلس صيانة الدستور الاثنين بإعادة احصاء جزئي للأصوات، وخلص الى عدم كشف اي تزوير. يذكر ان امام المرشحين الى الرئاسة الايرانية يومان يقومان خلالهما بحملة انتخابية لاقناع الناخبين بالتصويت لهما. وقد تواصلت الانتقادات الاميركية للانتخابات الايرانية خلال الساعات الاخيرة. وقالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الاثنين «في ايران ضاق الناس ذرعا بنظام قمعي ينكر حريتهم وحقوقهم». واضافت ان «الانتخابات الشكلية لا تخفي الوحشية المنظمة لدولة دينية في ايران». فيما وصف مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية ادم اريلي الدورة الاولى من الانتخابات الايرانية بانها «غير تمثيلية على الاطلاق». ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي الثلاثاء بالقول ان الانتقادات الاميركية تعود الى ان المشاركة الواسعة في الانتخابات ادخلت الاميركيين «في حالة من الاضطراب والحيرة».
وتجري انتخابات الاعادة يوم الجمعة المقبل اثر فشل اي مرشح في تحقيق فوز حاسم في المرحلة الاولى.
ويخشى اصلاحيون وبعض المحافظين المعتدلين ان يضع رئيس بلدية طهران المتشدد، حدا للاصلاحات في البلاد وان يقوم بعملية تطهير في الاجهزة الحكومية ليستبدل المسؤولين الحاليين بمتشددين. ويقول محللون ان من الصعب التنبؤ بنتيجة السباق ويضيفون انها ستشكل على الارجح كيفية تعامل ايران مع علاقاتها بالغرب في المستقبل بما في ذلك المواجهة النووية المحتدمة وتحديد مصير الاصلاحات الداخلية. كما يقول المحللون ان انتخاب رئيس متشدد قد يزيل عاملا ملطفا في عملية صنع القرار في ايران رغم ان السلطة العليا في يدي المرشد الاعلى علي خامنئي الذي يسيطر انصاره المتشددون على المؤسسات الاشرافية المهمة.
وعمل احمدي نجاد مدربا لميليشيات الباسيج المتشددة شبه العسكرية التي تعتبر نفسها حامية مبادئ الثورة الاسلامية. وفي حالة فوزه سيكون أول رئيس لايران من غير رجال الدين منذ عام 1981 . ويسيطر مؤيدوه المتشددين على البرلمان والمجالس المحلية. وقال احمدي نجاد في اجتماع مع اعضاء البرلمان، مشيرا الى ثلاث وزارات يتولاها اصلاحيون «نشهد اليوم وجود شبكات منظمة تنشر الفساد الاخلاقي ولا أعرف ما تفعله وزارات المخابرات والداخلية والثقافة». ويخشى اصلاحيون ان يشغل احمدي نجاد المناصب الحكومية بمتشددين بنفس الاسلوب الذي أبعد به المديرين القدامى بوصفه رئيس بلدية مدينة طهران واستبدلهم بشبان. وتولى رفسنجاني ،70 عاما، الرئاسة في الفترة من عام 1989 الى عام 1997 وقد دعا الناخبين لمساندته «لمنع كل تطرف». وقال ان لديه حكمة ونفوذا سياسيا لاصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة التي قطعت منذ الثورة الاسلامية في عام 1979. غير ان احمدي نجاد يقول ان العلاقات مع الولايات المتحدة لن تحل مشاكل ايران.
ويقول رجال الاعمال في ايران ان احمدي نجاد الذي تحدث عن تقاسم الثروة في الاقتصاد الذي يعتمد على النفط وتهيمن عليه الدولة ربما يعرقل اصلاحات اقتصادية. وكسب رفسنجاني مساندة قطاع الاعمال بتعهده بتحرير الاقتصاد. وقال محمد طبطبائي، 51 عاما، صاحب مصنع منتجات غذائية «يريد احمدي نجاد العدالة في توزيع الثروة ولكن هل لديه فكرة كيف تجمع الثروة». غير ان محللين قالوا ان حملة احمدي نجاد اكتسبت زخما تفتقر اليه جهود رفسنجاني. وقالوا ان عددا كبيرا من الفقراء المتدينين يرون ان احمدي نجاد سيتحدى مصالح قطاع الاعمال التي يمثلها رفسنجاني.
وكان التأييد القوي لاحمدي نجاد مفاجأة في الجولة الاولى. ويقول محللون انه لقي دعما من افراد ميليشيات الباسيج الذين شاركوا بقوة ودون اي تلميح مسبق عمن سيساندونه.
ونقلت صحيفة ايران عن يحيى رحيم صفوي قائد الحرس الثوري قوله «لا ينبغي ان يقوم الحرس الثوري والباسيج بالدعاية لاي مرشح». وقال مساعدو احمدي نجاد انه لم يكن هناك اي تنسيق لعملية اقتراع الباسيج.
ر
June 22, 2005 10:49 AM