طالب إيراني: قررنا نزع الستار ووضع الصورة كما هي أمام العالم
رفسنجاني بعث برسالة إلى خاتمي محتجا على مسارعته في مباركة النتيجة
علي نوري زاده
فيما تجاهل انصار محمود احمدي نجاد الرئيس الايراني المنتخب نصيحة مرشد النظام علي خامنئي بعدم الاحتفال بفوز امين العاصمة، وتدفقوا منذ الصباح الباكر نحو الميادين والساحات الكبرى في العاصمة طهران وبعض المدن الكبيرة، مرددين شعارات راديكالية وبعض العبارات الهجومية ضد هاشمي رفسنجاني والاصلاحيين،
حذرت الاوساط القريبة من رئاسة الجمهورية من خطر حصول انقسام حاد داخل مؤسسة الحكم والمؤسسة الدينية، بعد ان اثارت عمليات التزوير في الانتخابات لصالح احمدي نجاد، حفيظة كبار رجال الدين في قم بمن فيهم آيات عظام مثل موسوي اردبيلي ويوسف صانعي ومحقق داماد وفاضل لنكراني المؤيدين لهاشمي رفسنجاني. كما ان الشارع الايراني بات منقسما اكثر من أي وقت مضى بين المعتدلين والمتطرفين. غير ان هناك بعض المراقبين من يعتبر انتخاب احمدي نجاد، بداية النهاية لجمهورية ولاية الفقيه، ويقول هؤلاء انه حينما يتسلم احمدي نجاد الرئاسة فان جميع الطرق ستنتهي الى شارع آذربيجان حيث مقر المرشد. وبعد الان لا يستطيع المرشد ان ينتقد رئيس الجمهورية والوزراء بسبب سوء ادائهم وعدم اهليتهم، واتهام هؤلاء بالتقصير وتوجيه التهم الى الاستكبار واجهزته وعملائه كمسؤولين عن مصائب الشعب وفقره، لن يكون امرا مقبولا لدى الشعب. وما من شك ان النساء الايرانيات اللواتي حصلن خلال فترة حكم الرئيس محمد خاتمي على جزء كبير من حقوقهن الاجتماعية والسياسية، هن اكثر خوفا وقلقا من السياسات التي وعد احمدي نجاد بتطبيقها، وفي مقدمتها فرض التشادور (العباية) على النساء وطرد الموظفات والعاملات اللائي يظهرن بمناديل من الدوائر والمؤسسات الحكومية وتعطيل المسارح والمراكز الثقافية وتحويلها الى حسينيات وفصل الطلبة الجامعيين عن الطالبات ومنع تدريس الرجال في مدارس البنات.
ويرى محمد رضا درويش وهو طالب بكلية الطب بجامعة طهران، ان بعضا ممن صوتوا لأحمدي نجاد ارادوا بذلك «اعلان رفضهم لازدواجية الحكم وايضا رفضهم ان يكونوا رهائن في النزاع بين الاصلاحيين والمحافظين وتجربتنا (والكلام لا يزال لمحمد رضا درويش) مع الرئيس الاصلاحي علمتنا بان الاصلاح من داخل النظام غير ممكن. وبدلا من ان نعطي النظام فرصة اخرى لكي يظهر بملابس البراغماتية والاعتدال فيما يمارس القمع والتطرف خلف الاسوار، قررنا نزع الستار ووضع الصورة كما هي امام العالم. ان احمدي نجاد هو خير شخص يمثل جمهورية ولاية الفقيه».
«فريدة ـ ع» طالبة الفنون الجميلة بجامعة الحرة تعارض رأي زميلها محمد رضا، وهما عملا في تنظيم مكتب تعزيز الوحدة اكبر تنظيم طلابي في ايران الذي قاطع الانتخابات، وتقول فريدة، ان الامر بالنسبة لنا (النساء) مختلف بحيث كنا قبل هذه الانتخابات نبحث عن حقوق اكثر وحريات اوسع بينما اليوم اصبحنا مستهدفين من قبل الفئة التي تنظر الى النساء كجزء من اثاث المطبخ وماكينة لإنتاج الاولاد.
من جهتها تعتبر الحقوقية مريم سيفي فوز نجاد كارثة بالنسبة لايران واربعين مليون ايراني تحت سن الـ25 عاما. وتقول «ان الايام المقبلة تسودها غيوم ثقيلة، ويبدو لي ان الاشهر الاولى للثورة حيث كان المجتمع يشهد اعتقالات تعسفية واعدامات غير مبررة والتشدد في جميع مظاهر الحياة، قد تعود الى حياتنا». وفيما تعتبر بعض الأوساط الجامعية الاحزاب والشخصيات المعارضة التي دعت لمقاطعة الانتخابات مسؤولة عن فوز أحمدي نجاد بغياب الناخبين الاصلاحيين عن صناديق الاقتراع، يذكر النائب الاصلاحي السابق «ف ـ ح» ان نتيجة الانتخابات كانت محسومة منذ عدة اشهر. وقال «حتى لو كان عشرة ملايين آخرين من الناخبين صوتوا لرفسنجاني، فان ذلك لم يكن سيؤدي الى تغيير نتيجة الانتخابات».
وفي شمال طهران حيث صوت تسعون بالمائة من الناخبين لصالح رفسنجاني، تسود اجواء من الترقب والقلق، بينما الاحياء الجنوبية في العاصمة حيث يعيش الفقراء والمستضعفون تسود اجواء احتفالية بحيث اقامت وحدات الباسيج والحرس ولائم وزعت الرز والكباب والمرق الايراني مجانا فرحة بفوز نجاد في الانتخابات. وحالة الترقب والانتظار ايضا تسود الوسط السياسي خاصة بعد ان شكا رفسنجاني من «ظلم كبير» تعرض له في الانتخابات. ووفقا لمسؤول في حملة رفسنجاني الانتخابية فان الرئيس السابق حزين جدا حيال النتيجة. كما انه مستاء من سرعة اعتراف خاتمي بنتائج الانتخابات. وكشف المسؤول لـ«الشرق الأوسط» ان رفسنجاني بعث برسالة الى خاتمي عن طريق محمد علي أبطحي مستشار خاتمي ومدير مكتبه السابق نقلها شقيقه محمد هاشمي صباح امس. واشار رفسنجاني الى انه توجه في 24 مايو (أيار) 1997 بعد ساعات من انتهاء الانتخابات الرئاسية الى وزارة الداخلية حيث اشرف بنفسه على الدور النهائي لفرز الاصوات للحيلولة دون حصول أي تلاعب باصوات الشعب رغم ان «الارادة القاهرة» ـ أي خامنئي ـ كانت في ذلك الحين تسعى بكل قواها لاخراج ناطق نوري من صناديق الاقتراع رئيسا لايران. واضاف رفسنجاني قائلا: «لقد منعت التزوير ومهدت الطريق لكم، واليوم بدلا من ان نراكم تدافعون عن اصوات الشعب برفضكم لنتائج هذه الانتخابات المزورة المغشوشة، نشهدكم على شاشة التلفزة تباركون الفائز وتقدمون شهادة النزاهة للانتخابات». وقالت مصادر قريبة من رفسنجاني ان انصاره يطالبونه بعدم ترك كرسيه في مجمع تشخيص مصلحة النظام بل ان يبقى في موقعه ويؤسس حزبا اصلاحيا كما وعد سابقا.
June 26, 2005 01:09 PM