«القابلة» علي أكبر محتشمي أخرج الحزب من رحم حركة أمل بطريقة الولادة القيصرية
حزب الله، الابن الشرعي للثورة الإيرانية
لندن: علي نوري زاده
لم يتفاجأ الوسط السياسي في طهران بسماعه خبر عقد اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي تحت رئاسة محمود أحمدي نجاد للنظر في تطورات لبنان والعدوان الاسرائيلي المستمر ضد حزب الله ولبنان، خاصة بعد تصريحات المرشد علي خامنئي التي اكد خلالها على استحالة نزع سلاح حزب الله.
وأولئك الذين يتابعون العلاقات الشاملة والموسعة بين ايران وحزب الله، لا يزالون يتذكرون كيفية ولادة حزب الله من رحم حركة امل بطريقة الولادة القيصرية على ايدي القابلة الايرانية «علي اكبر محتشمي بور» سفير ايران الاسبق في دمشق، اذ ان الحزب ليس فقط الابن الشرعي للثورة الايرانية، بل انه هو التنظيم الوحيد الناجح حسب الرؤية الايرانية من بين التنظيمات التي انشئت بتمويل ايراني في المنطقة، الذي تمكن من شرعية وجوده داخل النظام السياسي اللبناني وكسب الجماهير اللبنانية والعربية من مختلف المذاهب والاتجاهات. بعبارة اخرى، ان حزب الله الذي انشأه محتشمي بور من اجل اقامة جمهورية اسلامية في لبنان بدستور قد اعدته هيئة مؤلفة من الكوادر المؤسسة للحزب وقادة الحرس في لبنان في عام 1984 كما ان الطوابع الصادرة تحت شعار جمهورية لبنان الاسلامية في ايران لا تزال تباع وتشترى من قبل هواة الطوابع البريدية في ايران والخارج، قد تحول بعد سنوات الحرب والخطف وتدمير مقر المارينز والسفارة الاميركية ومعسكر الجنود الفرنسيين وخطف طائرة T.W.A الى مؤسسة ضخمة قريبة من مفهوم دولة ذات سيادة تمتلك القوة العسكرية واجهزة استخبارات والاجهزة المعنية بكافة شؤون الحياة من التعليم والتجارة الى الصحة والعلاقات الخارجية.
وتقديرات بعض المراقبين حول علاقة الحزب بإيران وسورية، منذ استبدال قيادة الحزب وإبعاد الشيخ صبحي الطفيلي الوفي لتراث الامام موسى الصدر ومن ثم استشهاد السيد عباس الموسوي وانتخاب السيد حسن نصر الله تلميذ خامنئي البار امينا عاما للحزب، عادة تعتمد على القواعد المعروفة الحاكمة على علاقات تنظيم ما بالجهة الممولة له، بينما علاقة الحزب بإيران مرت بمراحل مختلفة، الى ان وصلت الى علاقة الابن بالأب.
لقد جعل اختفاء الامام موسى الصدر الشيعة في لبنان، ايتاما، ظلوا يبحثون عن اب قادر على حمايتهم.
ورغم اعجاب معظم الشيعة بالثورة الاسلامية في ايران وقائدها الامام الخميني غير ان اتباع الامام موسى الصدر ومريديه في حركة امل رفضوا الوصاية الايرانية وحافظوا على استقلاليتهم بحيث اكد الامين العام السابق للحزب الرئيس حسين الحسيني في اول زيارته لطهران بعد الثورة لقادة الثورة على ان الشيعة معكم طالما تحترمون استقلال لبنان وتعترفون ببيئة لبنان المختلفة عن باقي الدول العربية والإسلامية.
وفكرة انشاء تنظيم مستقل عن حركة امل، قد ولد لدى محتشمي بور خلال زياراته السرية لمدينة بعلبك، حيث التقى بالسيد حسين الموسوي الذي ابدى استعداده لاعلان انشقاقه عن حركة امل وانشاء امل الاسلامية «كامتداد للثورة الايرانية في لبنان». ورغم تشكيل امل الاسلامية وافواج المقاومة المؤمنة بقيادة مصطفى الديراني ووحدات هنا وهناك. غير ان محتشمي بور كان يبحث عن تنظيم بحجم حركة امل، قد يكون قادرا على تحويل لبنان الى مستعمرة ايرانية، وهكذا وفي اجتماع عقد بمكتب محتشمي بور في السفارة الايرانية بدمشق ادى سبعة من رجال حركة امل واربعة من تلامذة الخميني ومحبيه اليمين ليكونوا اوفياء للخميني وولاية الفقيه.
لقد كان الخميني يرغب في ان يتولى السيد محمد حسين فضل الله مهام مرشد حزب الله، غير ان فضل الله الذي كان يعتبر نفسه مرجعا لا اقل من مراجع طهران والنجف مرتبة فضل البقاء خارج حصار التنظيمات، وان يكون مرجعا للجميع. وصبحي الطفيلي الذي كان قريبا من منتظري وممثله في لبنان الشيخ حسن خليق، سرعان ما اختلف مع رجال الحرس الثوري الموجودين في لبنان منذ عام 1982، ومع محتشمي بور الذي كان يريد ان يتبعه الطفيلي وقادة حزب الله حرفيا. ما تسبب في افول نجم الطفيلي وارتقاء نجم عباس الموسوي الذي كان الامام الخميني يحبه مثل ابنه. الا ان سنوات عباس الموسوي كزعيم لحزب الله انتهت باستشهاده اثر اصابة سيارته بصواريخ اطلقتها الطائرات السمتية الاسرائيلية. ومن ثم انتخب السيد حسن نصر الله زعيما للحزب. لقد قاد نصر الله انقلابا داخل الحزب، بحيث بنى اكبر تنظيم سياسي وعسكري واجتماعي وديني بمؤسسات تجارية واقتصادية وخيرية وتعليمية في المنطقة. وميزانية الحزب المدفوعة من قبل ايران التي كانت في البداية لا تتجاوز عشرة ملايين دولار، وصلت في عهد السيد حسن نصر الله الى ما فوق 500 مليون دولار في السنة، اضافة الى ميزانية شبكة المنار واعلام الحزب المسموعة والمكتوبة.
لقد اثارت تصريحات المسؤولين الايرانيين التي تضمنت تحذيرات مباشرة الى اسرائيل، بعد ارتكاب حماقة ضرب سورية، تساؤلات فوجئت هذه الاوساط من خلو كلمة المسؤولين الايرانيين اي اشارة الى لبنان الذي يتعرض لحرب ابادة من قبل اسرائيل، غير ان مسؤولا ايرانيا رفيعا قال لـ«الشرق الأوسط» بأن «حزب الله هو جزء منا وليس بحاجة الى ضمانات كي يكون واثقا بأن الجمهورية الاسلامية معه، اننا واقفون الى جانب الحزب، روحا وجسدا، تسليحا ومالا». واشار المسؤول الى ان الحزب قد تمكن من ايصال رسالتنا الى قمة الثماني بمدينة سان بطرسبورغ، ولهذا فانه سيجدنا وراءه دفاعا عنه ولو تطلب ذلك ان ندخل في مواجهة شاملة مع اسرائيل.
July 17, 2006 09:48 AM