رفسنجاني أكثر المرشحين حظا لخلافة المرشد في إيران
احتجاب خامنئي لفترات وتقارير مرضه طرحت أسئلة حول خلافته
لندن: علي نوري زادة
ماذا لو غاب المرشد غدا؟، هذا السؤال مطروح منذ اختفاء آية الله علي خامنئي، مرشد النظام الإيراني لمدة أسبوعين، بحيث تسبّب غيابه في تردّد شائعات عن مرضه وربما وفاته، لدرجة أن العضو السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي، ومستشار مؤسسة اينتربرايز، مايكل لدين، أكد في تقرير له على أن خامنئي مات أو أنه على فراش الموت. فيما بثت الإذاعة الإسرائيلية في برامجها باللغة الفارسية، خبراً عن قرب وفاة المرشد. ورغم كل هذه الشائعات، ظهر خامنئي يوم الغدير بعد بضعة أيام من عيد الأضحى بين جمع من مؤيديه بمدينة قم، حيث وجّه تحذيرات إلى الدول العربية الصديقة للولايات المتحدة، ودعا المسلمين للوحدة، رغم ان حديثه بحد ذاته ـ على حد تعبير أحد رجال الدين السنّة في إيران ـ كان مثيراً للفرقة، وذلك بتركيزه على الإمامة والخلافة.
إذن هل خامنئي مصاب فعلاً بمرض عضال؟ لقد اعترف أحد الأطباء المعالجين لمرشد النظام الإيراني قبل بضع سنين، بأن خامنئي يُعاني من السرطان في البروستاتا، إلى جانب الآلام التي يعاني منها منذ تعرضه لمحاولة اغتيال على أيدي مجاهدي خلق، قبل توليه منصب رئاسة الجمهورية في عام 1981، وأسفرت المحاولة عن شلل كامل في اليد اليمنى لخامنئي. وبالنسبة للسرطان، فإن المرشد خضع لعملية جراحية، ومن ثم العلاج الكيمياوي في عام 1998. وحتى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بدا أن أطباءه كانوا مرتاحين لنتائج العملية، بحيث كان المرشد يتابع مسؤوليته بصورة طبيعية، ويمارس رياضته المفضلة، وهي الصعود إلى جبل «توتشال» شمال طهران يوم الخميس من كل أسبوع. غير أن الوضع قد تغير في سبتمبر (أيلول)، وذلك خلال زيارة المرشد لمسقط رأسه مدينة مشهد، لتفقد صديقه وزميله الدراسي آية الله عباس واعظ طبس سادن، ضريح الإمام الرضا ثاني أئمة الشيعة، الذي كان يرقد في المستشفى بعد نوبة قلبية. وبعيد وصوله إلى مشهد، حسب مصدر قريب من مكتب المرشد، شعر خامنئي بألم شديد في بطنه، بحيث تم استدعاء طبيبه الخاص الذي أوصى بنقل المرشد مباشرة إلى طهران، حيث خضع لفحص شامل بمستشفى بقية الله التابع للحرس الثوري.
واكتشف الأطباء أن الأورام السرطانية قد عادت إلى جزء من أمعاء خامنئي، وأن هناك خطراً بانتشارها في مثانته وكبده. وتم بعد ذلك احضار أحد الاختصاصيين من الصين، الذي سبق أن زار خامنئي بعد عمليته الجراحية. ورغم أن الفريق المعالج للمرشد كان ينوي إجراء عملية جراحية ثانية لاستئصال الأورام السرطانية، إلا أن الاختصاصي الصيني أوصى باخضاعه مرة أخرى للعلاج الكيمياوي، كما أعطاه معجونا من الأعشاب كان له أثر مباشر في تخفيف الآلام التي يعاني منها المرشد. وكان اختفاء خامنئي منذ الثالثة والعشرين من ديسمبر (كانون الأول)، حتى السادس من يناير (كانون الثاني)، وعدم حضوره مراسم صلاة عيد الأضحى، فضلاً عن التقارير المنشورة في وسائل الإعلام العالمية، وفوق كل ذلك، تصريحات رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام والنائب الأول لمجلس الخبراء علي أكبر هاشمي رفسنجاني، المثيرة حول موضوع انتخاب المرشد، قد كشفت عن أبعاد النزاع الدائر في أروقة الحكم بين التيارات الحاكمة حول مرحلة ما بعد خامنئي.
وفي حديث مع حجة الإسلام الدكتور محمد موسوي، الخبير الدستوري ومدرس الفقه في الحوزة الدينية بقم، أوضح موسوي بأن النزاع الحقيقي هو بين رفسنجاني وحلفائه أهمهم خاتمي، وكروبي وروحاني ومهدوي كنى عراب النظام والرجل الذي لقبه الإمام الخميني «رجل لكل فصول»، وبين محمد تقي مصباح يزدي المرشد الروحي للرئيس أحمدي نجاد، وجمع من المراجع الحكوميين، أو ممّن نالوا لقب المرجع وآية الله، بحكم من قِبل خامنئي، وفي مقدمتهم ناصر أبو المكارم وصافي غولبايغاني وفاضل لنكراني وعلي مشكيني. ان رفسنجاني كما جاء في تصريحاته الأخيرة، يعتبر ولاية الفقيه ركناً أساسياً للنظام ويرغب في استمراريته، لكنه يعارض بشدة:
أولاً: مزاعم مصباح يزدي بأن الولي الفقيه مُعيّن من قِبل الله والمهدي المنتظر ومسؤولية مجلس الخبراء هي اكتشاف الفقيه الذي اختاره الله ليقود الأمة، فلهذا لا يستطيع مجلس الخبراء عزل الولي الفقيه ـ أي المرشد ـ أو مراقبة أنشطته، بل انه من الممكن وبموافقة الولي الفقيه، أن يمارس مجلس الخبراء نوعاً من الرقابة على أنشطة وأداء المؤسسات الخاضعة لإشراف الولي الفقيه.
ثانياً: يعارض رفسنجاني فكرة بقاء الولي الفقيه على رأس الحكم لغاية وفاته، بل أكد في تصريحاته الأخيرة، على ان الدستور لم يذكر شيئاً بشأن ذلك، بحيث يمكن انتخاب الولي الفقيه لفترة محدّدة.
ثالثاً: يرفض رفسنجاني بشدة مزاعم مصباح يزدي وحلفائه، حول عصمة الولي الفقيه، وكونه مواطناً فوق الجميع، بل أكد بصراحة بأن هناك مَن هو أصلح وأقدر بأن يكون مرشداً ـ من خامنئي. وأضاف حجة الإسلام الدكتور موسوي، أن الأعمار بيد الله، لكنه نتيجة للظروف الحساسة التي تمر بالبلاد، والتهديدات الخارجية، فضلاً عن مرض المرشد الذي سبّب في خفض وزنه بأكثر من عشرة كيلوغرامات، وقضائه ساعات طويلة في بيته، فإن حسم موضوع خلافته أصبح أمراً ضرورياً. وانتقال السلطة بعد وفاة الإمام الخميني، تم بشكل هادئ وسريع، بالنظر إلى أن الخميني نفسه قد عزل خليفته آية الله منتظري، ومن ثم لعب نجله الراحل أحمد بالتنسيق مع رفسنجاني وموسوي أردبيلي، رئيس القضاء آنذاك، ومحمدي ريشهري، وزير الاستخبارات الأسبق، دوراً مهماً في تقديم خامنئي (الذي كان يتولى رئاسة الجمهورية)، إلى مجلس الخبراء، كمرشح أكثر أهلية واقتداراً لتولي منصب الولي الفقيه، غير أن الوضع مختلف اليوم، بحيث هناك عدة مرشحين سيحاول كل منهم على طريقته وبواسطة حلفائه وإمكاناته المادية والمعنوية، الجلوس على كرسي خامنئي بعد رحيله. وما من شك بأن الحرس الثوري الذي فرض سيطرته اليوم على الجزء الأكبر من أجهزة النظام من البرلمان إلى الحكومة والاستخبارات والقضاء، فضلاً عن ساحة المال والاقتصاد، قد يكون عاملاً لحسم معركة الخلافة لصالح زيد أو عمرو.
من هم المرشحون لخلافة خامنئي؟
إن الدستور الإيراني يسمح بانتخاب رجل واحد لقيادة البلاد أو مجلس قيادي مكون من ثلاثة أشخاص. ويتصدر حالياً كل من هاشمي رفسنجاني، ومحمود هاشمي شاهرودي، قائمة المرشحين لخلافة خامنئي، علماً ان المرشد حاول في بداية الدورة الثالثة لمجلس الخبراء، ترشيح استاذه في الفقه ورئيس السلطة القضائية محمود هاشمي شاهرودي، لمنصب قائمقام (نائب) الولي الفقيه، غير أن رفسنجاني الذي كان يتولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الخبراء، قد تصدى للفكرة بجد، مشيراً إلى أن تجربة انتخاب منتظري خليفة للخميني في بداية الثورة، كانت تجربة مريرة ويجب عدم تكرار ما يمكن أن نندم عنه لاحقاً. إلى ذلك، فإن شاهرودي هو من الإيرانيين المبعدين من العراق، بحيث كان أول رئيس للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق قبل تعيين آية الله الراحل محمد باقر الحكيم رئيساً له، ورغم كونه رئيساً للسلطة القضائية، غير أن هناك شكوكاً في الشارع حول جنسيته. أما رفسنجاني، فإنه ليس سيداً أو لا ينتمي إلى أهل البيت، لكنه يحظى بدعم رجال الدين المعتدلين، ولديه ارتباطات وثيقة مع العديد من كوادر الحرس. ومن المرشحين أيضاً، آية الله فاضل لنكراني، وآية الله ناصر أبو المكارم، وآية الله بهجت، ووحيد الخراساني، وعلي مشكيني. وفي حالة عدم حصول الاتفاق حول شخص واحد، فإن احتمال تشكيل مجلس قيادي بعضوية هاشمي رفسنجاني ومحمود هاشمي شاهرودي وحسن الخميني، حفيد الإمام الخميني، هو البديل الأقوى لحد الآن.
January 14, 2007 04:26 AM