الاتفاق على الملفات الساخنة أساس التقارب السعودي ـ الإيراني
رفسنجاني يؤكد على دور البلدين في حل مشاكل المنطقة
لندن: علي نوري زاده
من بين الهدايا التي تسلمها الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي من الملوك والرؤساء الذين التقى بهم، يحتفظ خاتمي فقط بقطعة من كسوة الكعبة التي قدمها خادم الحرمين الشريفين اليه، بينما سلفه هاشمي رفسنجاني يعتز بالسيف المذهب الذي اعطاه له العاهل السعودي خلال زيارته للمملكة. والسعودية بالنسبة لرفسنجاني، (الذي مهد الطريق لقيام العلاقات المتميزة بين إيران والمملكة، وخاتمي الذي كرمته القيادة السعودية بإيفاد الوزير عبد العزيز الخويطر الى طهران لتهنئته عقب فوزه التاريخي في مايو (أيار) 1997، وشهدت العلاقات بين البلدين في فترة رئاسته تطورا تاريخيا، إلى حد أن وقع البلدان على اتفاقية أمنية فيما بينهما.) ليست دولة اسلامية جارة وراعية للحرمين الشريفين فحسب، بل ان ...
شخصية العاهل السعودي الملك عبد الله ، حسب نائب قريب من الرئيسين، كانت قد اجتذبت رفسنجاني وخاتمي منذ أول لقاء جمع فيما بينهم، حيث التقاه رفسنجاني في اسلام اباد، حين كان وليا للعهد فيما كان رفسنجاني في الأشهر الأخيرة لرئاسته.
أما الاجتماع الأول بين خاتمي والعاهل السعودي، فقد تم في طهران حينما ترأس الملك عبد الله الوفد السعودي المشارك في القمة الاسلامية بعد بضعة أشهر من دخول خاتمي القصر الرئاسي.
لقد كان حضور ولي العهد السعودي آنذاك في طهران بحد ذاته حدثا تاريخيا، وطهران التي كانت تعيش شتاء قاسيا استقبلت الوفد السعودي بقلب مليء بالحب الحار والترحيب، وتخصيص قصر سعد آباد الفخم لنزول الوفد السعودي، وكان ذلك أول مرة ينزل زعيم زائر لإيران في أحد قصور شاه إيران الراحل. وفي احدى ليالي اقامته في طهران أبدى العاهل السعودي رغبته في رؤية طهران من محيط جبل البرز شمال العاصمة وسط ثلوج غزيرة، وقد تم ترتيب ذهاب الملك عبد الله ومرافقيه إلى دربند المطل على العاصمة، حيث نظر الملك عبد الله من التلال المحيطة بشمال طهران إلى المدينة وهي نائمة وسط الليل. لقد مر قطار العلاقات بين البلدين بعد زيارة العاهل السعودي لطهران بسرعة مثيرة من محطة التطبيع إلى محطة التعاون الوثيق، غير أن القطار توقف بشكل مفاجئ عقبه انتخاب أحمدي نجاد رئيسا للجمهورية. علماً بان السعودية كانت من أولى الدول التي زارها أحمدي نجاد لحضور اجتماع لقادة الدول الاسلامية، غير ان الزيارة لم يكن لها طابع رسمي.
ومن ثم جاءت زيارته الأخيرة والتي أسفرت عن كسر الجليد الذي ساد مياه العلاقات منذ اكثر من عامين، وتحركات إيران على الساحة العراقية والفلسطينية ومن ثم أحداث لبنان عقب حرب يوليو (تموز) والدور الايراني الخفي والسري في محاولات اسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، كانت تبعث بقلق وعدم ارتياح البلدان المجاورة لايران لا سيما السعودية التي بدأت تشعر بأن ايران احمدي نجاد تختلف تماما عن ايران خاتمي ورفسنجاني. ولتبين الحقيقة حول موقف ايران الحقيقي حيال المملكة، اقدم العاهل السعودي على خطوة ذكية جدا بحيث أوفد وزير خارجيته الأمير سعود الفيصل الى طهران ليس لمقابلة احمدي نجاد، بل لزيارة مرشد النظام آية الله على خامنئي الذي سبق أن اوفد مستشاره الأول ووزير الخارجية السابق الدكتور علي أكبر ولايتي الى السعودية، لتسليم رسالته الخاصة الى خادم الحرمين الشريفين. وتبادل الرسائل والاتصالات بين العاهل السعودي وآية الله خامئني قد اسفر عن عودة الهدوء الى العلاقات بين البلدين ومن ثم جاء زيارات علي لاريجاني ممثل المرشد وسكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الى السعودية بهدف التشاور حول ازمة لبنان، كتأكيد على ان وصفه السفير الايراني السابق في الرياض محمد رضا نوري شاهرودي (مستشار رفسنجاني حاليا) عن السعودية وايران باعتبارهما جناحي العالم الاسلامي، لا بد ان يكون طيرهما متوازنا حتى يشعر العالم الاسلامي بالطمأنينة وصفة دقيقة ومتكاملة. واحمدي نجاد، الذي اثارت صورته ويده بيد العاهل السعودي تساؤلات كثيرة عند حلفائه، قد ادرك جيدا ان السعودية التي منعت تعرض ايران قبل عشر سنوات للسوء عقب تفجيرات الخبر، هي القوة القادرة في المنطقة، على ابعاد كارثة مدمرة تقترب من ايران بسرعة. ويأتي تنويه هاشمي رفسنجاني أول من امس بدور المملكة في تسوية الازمات والمشاكل التي تواجه المنطقة، واعتبار دور الرياض مهماً للغاية في استتباب وتعزيز الامن والاستقرار في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم، مؤشرا آخر الى سير قطار العلاقة بين البلدين بخطى حثيثة نحو التقارب، حيث قال رفسنجاني لدى استقباله وزير الدولة العماني في الشؤون الخارجية يوسف بن علوي الذي زار طهران إن «دور المملكة العربية السعودية في تسوية المشاكل التي تواجه المنطقة مهم للغاية». واكد على ضرورة تعزيز التعاون الايراني ـ السعودي لحل الازمات والمشاكل في المنطقة وقال ان «التجارب السابقة اثبتت اهمية التعاون بين الرياض وطهران في حل المشاكل الدبلوماسية والاقتصادية التي تواجه المنطقة». واعرب رفسنجاني عن ارتياحه للاتفاق الذي وقعته قيادتا حركة المقاومة الاسلامية «حماس» وحركة «فتح» برعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز في مكة المكرمة وقال «نأمل ان تتمخض اتفاقية مكة المكرمة عن نتائج تؤدي الى تعزيز التضامن بين مختلف الفصائل الفلسطينية».
March 10, 2007 02:20 AM