لندن تعلن فتح قنوات حوار جديدة مع لاريجاني
مصادر تنفي علاقة الإفراج عن البحارة بإطلاق الدبلوماسي المخطوف في العراق
لندن: علي نوري زاده
كشف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس ان ازمة البحارة البريطانيين الذين احتجزتهم طهران ادت الى «فتح قنوات جديدة» مع ايران. واكدت مصادر في الخارجية البريطانية أمس ان تعبير «القنوات الجديدة» تشير مباشرة الى الحوار مع الامين العام لمجلس الامن القومي الايراني علي لاريجاني.
وكان ظهور لاريجاني على قناة التلفزيون البريطاني الرابعة يوم الاثنين الماضي ودعوته الى حل الازمة دبلوماسياً والابتعاد عن محاكمة البحارة مثلما طالب بعض الساسة الايرانيين اول انفراج في ازمة البحارة، بعدما ذهبت بريطانيا الى مجلس الامن للاحتجاج على القضية. وتلت تصريحات لاريجاني ودعوته الى «الدبلوماسية الهادئة» سلسلة من الاتصالات بين ايران وبريطانيا، توجت بمكالمة هاتفية بين مستشار رئيس الوزراء البريطاني نايجل شاينوالد ولاريجاني عشية اطلاق البحارة. وعلى الرغم من ان الطرفين تكتما على تفاصيل تلك المحادثات، لفت اليها بلير في تصريحاته التي تزامنت مع وصول البحارة الى بريطانيا. وتعقيباً على تصريحات بلير، قال مصدر في الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط»: «كان رئيس الوزراء يشير الى الاتصالات المباشرة مع لاريجاني التي نأمل بمواصلتها مستقبلا». ولفت المصدر الى ان «بريطانيا لها علاقات دبلوماسية وثنايئة مع ايران ولكن الجديد هو الاتصال المباشر مع لاريجاني». ويشكو الكثير من المسؤولين البريطانيين من ان السلطة في ايران منقسمة بين «البراغماتيين» مثل لاريجاني، و«المتشددين» مثل الرئيس الايراني احمدي نجاد، بالاضافة الى الطبقات المتنافسة ضمن آلية الحكم الايرانية، مما يجعل التفاوض معهم احياناً صعباً. وقال السفير البريطاني السابق في ايران، ريتشارد دالتون، «الايرانيون يتحدثون دوماً عن الانقسامات وهناك مشاكل في معرفة من يتخذ القرار الاخير» اذا لم يصدر مباشرة من المشرد الاعلى للبلاد علي خامنئي. ويذكر ان لاريجاني مقرباً من خامنئي الذي له الكلمة الاخيرة بالبلاد، كما انه عنصر سابق من الحرس الثوري الايراني الذي كان ينتمي اليه احمدي نجاد. وعرف لاريجاني في الاوساط السياسية والاعلامية الغربية أخيراً مع تطور الملف النووي الايراني، فهو المفاوض الايراني الرئيسي في هذا الملف، مما يجعل اتصالات مباشرة فيما بينه وبين بريطانيا مفيداً في هذا الملف. وقال مسؤول في الاتحاد الاوروبي أمس ان خافير سولانا منسق السياسة الخارجية في الاتحاد بحث مدى امكانية اجراء مفاوضات حول البرنامج النووي الايراني مع كبير المفاوضين الايرانيين علي لاريجاني في مكالمة هاتفية قبيل افراج ايران عن 15 من أفراد البحرية البريطانية.
وحول المباحثات التي أسفرت عن انتهاء الأزمة، علمت «الشرق الأوسط» أن علي لاريجاني أجرى مفاوضات حساسة مع الوفد البريطاني المكون من بعض العسكريين، اضافة الى مسؤولين بوزارة الخارجية البريطانية. ويرى مراقبون أن لاريجاني خرج من هذه الأزمة أكثر قوة واقتداراً، إذ أن بريطانيا اعترفت رسمياً بأنه هو الشخص المؤهل لإجراء المحادثات معه مستقبلاً.
واستنادا الى مصدر قريب من الحرس، فإن اطلاق سراح السكرتير الثاني للسفارة الايرانية ببغداد جلال شرفي (وهو أيضاً مسؤول كبير بوزارة الاستخبارات) قبل ثلاثة أيام من الإفراج عن البحارة البريطانيين، لم تكن له علاقة بالاتفاق الذي توصل إليه لاريجاني، إذ أن طهران كانت قد تبلغت من الحكومة العراقية بقرب إطلاق سراح شرفي، قبل عيد نوروز، لكن أزمة البحارة تسببت في تأجيل عملية الإفراج.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن لاريجاني اجتمع بمرشد الجمهورية الإسلامية خامئني ليلة الاثنين لمدة ثلاث ساعات، ثم اجتمع بعد ذلك مع قادة الحرس بحضور الرئيس احمدي نجاد ومستشارين في المجلس الأعلى للأمن القومي حتى الساعات الاولى من صباح الثلاثاء، وطيلة اليوم ذاته (الذي أرجئ مؤتمر صحافي كان مقررا أن يعقده نجاد خلاله) أجرى لاريجاني أيضاً محادثات مع قادة الحرس والوفد البريطاني. وينقل أحد نواب البرلمان الايراني، عن ولايتي، تأكيده ان الإفراج عن البحارة تم بدون أي مقابل.
من جهة أخرى صدرت الصحف الإيرانية كافة امس بصور عن البحارة بعد إعلان الرئيس نجاد العفو عنهم، ما عدا صحيفة «جمهوري اسلامي» الراديكالية التي تتخذ عادة مواقف متشددة حيال كل ما هو أجنبي، بدءاً بمشروبات الكوكاكولا وانتهاء بالمغنية العالمية مادونا. وفي قضية البحارة دعت الصحيفة الى التعامل معهم بحزم ومعاقبتهم بسبب انتهاكهم المياه الاقليمية الايرانية. أما صحيفة «همتسبكي» (التضامن)، فنشرت صورة ملونة للبحارة وأبدت ارتياحها تجاه حل الأزمة بشكل مرض للطرفين.
وبسبب الرقابة، وفي غياب مقالات موضوعية تعالج الأمر بشكل حيادي، أصبحت المواقع الالكترونية المصدر الأهم خلال فترة أزمة البحارة وبعد تسويتها.
April 6, 2007 11:15 AM