إيران: معركة خلافة مشكيني.. الفائز سيكون الزعيم المقبل

سلم ابنه إلى «جزار إيفين» وطعن ظهر أستاذه ليصبح رئيسا لمجلس الخبراء
لندن: علي نوري زاده
شيع انصار «حزب الله» جنبا الى جنب اركان النظام الاسلامي في ايران وجمع غفير من رجال الدين وطلبة الحوزات الدينية صباح أمس جثمان رئيس مجلس الخبراء وإمام صلاة الجمعة بمدينة قم عاصمة المؤسسة الدينية بايران من امام مدرسة سبهسالار التي تم تغيير اسمها بعد الثورة إلى مدرسة مُطهري. وكانت المدرسة نفسها قد شهدت في الشهر الماضي تشييع جثمان مرجع آخر من المراجع الرسميين وهو آية الله فاضل لنكراني. وغياب الشيخ علي أكبر فيض الملقب بمشكيني في هذه الفترة تعد ضربة قوية للرئيس محمود أحمدي نجاد وحلفائه، اذ ان رئيس مجلس الخبراء الراحل كان الشخص الذي منح أحمدي نجاد هالة من نور القداسة عشية انتخابه...

حيث قال في خطاب أثار استغراب الكثيرين، إن إمام الزمان (أي المهدي المنتظر أو الإمام الغائب لدى الشيعة) صوت لأحمدي نجاد، وإن الرئيس اختار اعضاء حكومته بعد استشارة المهدي الموعود. ولد مشكيني قبل 84 عاماً في قرية مهجورة ببلدة مشكين شهر في مقاطعة آذربيجان وكان والده من قراء الموشحات الدينية في حفلات عاشوراء في القرى الآذرية، كما كان في نفس الوقت يعمل في بيت أحد ملاكي المنطقة، الذي كان رجلاً كريماً بحيث أرسل علي ابن الرجل الذي يعمل في بيته إلى المدرسة برفقة ابنه. كذلك حينما علم المالك ان والد مشكيني يحلم بزيارة كربلاء أعطاه مبلغاً من المال كي يسافر إلى العراق على أن يأخذ معه رفاة والده، الذي كان قد أوصى قبل وفاته بدفنه في مقبرة وادي السلام بالنجف. وقد نقل مشكيني فيما بعد أن والديه توجها إلى العراق بسيارة روسية عسكرية من مخلفات الحرب العالمية الأولى في إيران، وطول السفر الذي استغرق اسبوعين، كان هو يرتعش من الخوف بسبب وجود رفاة والد أرباب (أي المالك) في تابوت خشبي فوق رأسه. وبعد وصول الأسرة إلى العراق ودفن عظام والد المالك في مقبرة وادي السلام، استقرت الأسرة في النجف حيث حضر والد مشكيني دروس المراجع الكبار آنذاك مثل الشيرازي والشاهرودي والحكيم. وفي النجف ذهب علي فيض مشكيني برفقة والده إلى احدى المدارس الدينية حيث تعلم القرآن ومبادئ الفقه وقراءة الموشحات الدينية. ولما عاد إلى مسقط رأسه وهو شاب عمره 16 سنة أصبح الملا المتجول في القرى كوالده، وبعد بضع سنين توجه الشيخ علي إلى قم لمتابعة دروسه الدينية، وحضر دروس المرجع الشيعي الأعلى الراحل السيد محمد حسين البروجردي ومحقق داماد وكاظم شريعت مداري.
والمثير في حياة رئيس مجلس الخبراء الراحل، انه لم يرد الجميل لشريعت مداري الذي رعاه طيلة سنوات تعلمه كما حدد له راتباً شهرياً كون شريعت مداري من كبار المدرسين ومن ثم المراجع، فبعد الثورة وحينما أصبح مشكيني رئيساً لمجلس الخبراء، وعين صهره الشيخ محمد محمدي ريشهري وزيرا للاستخبارات ومن قبله مسؤولاً عن محكمة رجال الدين، قاد الحملة الدعائية ضد شريعت مداري مطالباً بنزع لقبه ولباسه الديني. وبعد إقصاء منتظري أواخر عهد آية الله الخميني اثر احتجاجه على حملة الاعدامات التي شهدتها ايران بعد انتهاء الحرب مع العراق، ضمن مخطط شارك كل من مشكيني وصهره ريشهري واحمد الخميني وهاشمي رفسنجاني، تحقق حلم مشكيني بأن يتقدم على منتظري ويصبح ليس فقط رئيس مجلس الخبراء، بل اماماً لصلاة الجمعة بمدينة قم. وتولى مشكيني رئاسة مجلس الخبراء في دوراته الثلاث ولاكثر من عشرين عاما غير ان حضوره بات رمزياً في اجتماعات المجلس بينما نائبه هاشمي رفسنجاني كان الرئيس الفعلي للمجلس. ومما يجدر ذكره ان ما ساهم في صعود مشكيني، الى جانب طعن استاذه شريعت مداري والمشاركة في مخطط عزل منتظري كان قراره بتسليم أحد أبنائه الذي كان عضواً في أحد تنظيمات المعارضة الى المدعي العام الثوري اسد الله لاجوردي في سجن ايفين، حيث جرت محاكمة مشكيني الابن وصدر حكم بإعدامه، تم تخفيفه الى الحبس المؤبد بأمر الخميني.

وبغياب مشكيني فتح ميدان المبارزة لملء كرسيه في مجلس الخبراء الذي حسب الدستور يعد أعلى سلطة قانونية في البلاد بحيث يستطيع نواب المجلس مساءلة المرشد وعزله، علماً ان نواب المجلس الذين لا يتم انتخابهم الا بعد تأييد اهليتهم من قبل مجلس الخبراء الذي يعين اعضاؤه من قبل المرشد. غير ان الصورة قد تتغير في حالة انتخاب هاشمي رفسنجاني رئيسا للمجلس وهو اكثر حظا من الاخرين، بيد ان خامنئي لا يزال يمتلك كلمة السر، أي انه قادر على منع وصول رفسنجاني الى رئاسة مجلس الخبراء. ويرى بعض العارفين ببواطن الامور، ان خامنئي لا يريد رفسنجاني ولا محمد تقي مصباح يزدي عضو المجلس والمرشد الروحي للرئيس احمدي نجاد، بل انه يميل الى محمود هاشمي شاهرودي رئيس السلطة القضائية الذي يحظى بدعمه وثقته، كما انه المرشح المفضل لدى المرشد لخلافته. ووفقا لمصدر قريب من رفسنجاني فان الحملات التي تعرض لها هذا الأخير في الاشهر الاخيرة، وفي مقدمتها المقالات المنشورة على صفحات المواقع الالكترونية القريبة من احمدي نجاد والتي تجاوزت الخطوط الحمراء بتسمية رفسنجاني العراب ورئيس عصابة المافيا واعتبار ابنائه مفسدين في الارض، كانت هذه الحملات جزءا من مخطط يهدف الى اقصاء رفسنجاني نهائيا من دائرة الحكم برفقة خاتمي وكروبي. والقائمون على هذه الحملات لن يسمحوا بأن يعزز رفسنجاني موقعه عبر جلوسه على كرسي رئاسة مجلس الخبراء والذي قد يكون السلم ما قبل الاخير لوصوله الى ولاية الفقيه. ان المعركة حسب المصدر قد تكون معركة صعبة وربما دامية غير ان من سيفوز فيها فانه قد يكون الزعيم المقبل لايران.