صفقة سرية إيرانية ـ ألمانية لإطلاق الجنديين الإسرائيليين المخطوفين في لبنان
أكد لـ «الشرق الأوسط»: أن الصفقة تتضمن إطلاق كاظم دارابي المدان في قضية اغتيالات مطعم ميكونوس
لندن: علي نوري زاده
فيما تنفي السلطات القضائية في ألمانيا الاتحادية، وجود أي صفقة بين برلين وطهران بشأن الإفراج عن كاظم دارابي المتهم الرئيسي في القضية التي تعرف باسم «مجزرة ميكونوس»، في اشارة الى مطعم شرقي في برلين، حيث اغتيل زعيم الحزب الديمقراطي الكردي الايراني الدكتور صادق شرفكندي وثلاثة من معارضي النظام الايراني، إثنان منهم من مساعدي شرفكندي في ليلة 17 سبتمبر (أيلول) 1992 على ايدي خلية تصفية تابعة للاستخبارات الايرانية التي كان يقودها كاظم دارابي، كشف مصدر رفيع بمكتب مرشد النظام آية الله علي خامنئي لـ «الشرق الأوسط» ....
أن الإفراج عن دارابي المحكوم بالحبس المؤبد قد يتم في اطار اتفاق سري جدا على غرار الصفقات السابقة بين ايران والمانيا والتي مهدت لافراج اسرائيل عن سجناء حزب الله مقابل رفات الجنود الاسرائيليين حسب الظاهر.
تجدر الاشارة الى ان المانيا سبق ان افرجت عن مواطنين لبنانيين من عناصر حزب الله عباس رايل ويوسف أمين اللذين اطلقا النار على شرفكندي ورفاقه بمطعم ميكونوس لتسهيل عملية تبادل الاسرى ورفات الجنود بين اسرائيل وحزب الله كما جرى الافراج عن المتهم الثالث محمد عتريس ايضا بلا ضجيج. وفي اطار صفقة اخرى، افرجت السلطات الايرانية، بموجبها عن سجين الماني لفقت الاستخبارات الايرانية ملفا مثيرا ضده.
وافاد المصدر الايراني بأن مضمون الاتفاق هذه المرة يخضع لتكتم شديد، بالنظر الى انه مرتبط بمصير جنديين اسرائيليين كان خطفهما من قبل حزب الله، السبب الرئيس وراء الغزو الاسرائيلي الاخير للبنان والذي اسفر عن تدمير ثلث لبنان ومقتل اكثر من الف لبناني مدني وما يزيد على 300 من مقاتلي ومسؤولي حزب الله.
واوضح المصدر الايراني بأن المانيا ومنذ اواخر الثمانينات من القرن الماضي لعبت دورا رئيسيا في صفقات تبادل الاسرى والمخطوفين في لبنان بسبب علاقاتها الوثيقة مع ايران من جهة ونفوذها لدى اسرائيل من جهة اخرى. وبالنسبة لقضية ميكونوس فقد ظلت بانعكاساتها عائقا حيال عودة العلاقات الايرانية الالمانية الى سابقها، ولولا انتخاب محمد خاتمي الذي تمكن بدبلوماسيته الهادئة والشفافة من فتح صفحة جديدة في علاقات ايران مع الاتحاد الاوروبي بشكل عام والمانيا وفرنسا وايطاليا بوجه خاص، لكان قرار سحب السفراء الاوروبيين من ايران عقب ادانة اربعة من كبار المسؤولين الايرانيين في محكمة برلين الجنائية بتهمة الضلوع في مخطط اغتيال المعارضين بمن فيهم شرفكندي ورفاقه في الخارج، لا يزال ساريا.
والمعروف ان وزير الاستخبارات السابق علي فلاحيان كان قد سافر الى المانيا بعد مجزرة ميكونوس لاجراء مباحثات مع «اشميت باوئر» مسؤول استخبارات المستشارية الالمانية آنذاك وبهدف اقناع الحكومة الالمانية بالافراج عن دارابي والقتلة اللبنانيين الثلاثة واغلاق ملف ميكونوس مقابل حصول المانيا على خمس صفقات اقتصادية ضخمة قيمتها اكثر من 12 مليار دولار، وبينما ابدت الحكومة الالمانية مرونة غير عادية حيال فلاحيان، غير ان ظهور مسؤول كبير في الاستخبارات الإيرانية الذي استدعاه المدعي العام الألماني إلى محكمة برلين وأطلق عليه اسم «الشاهد C» أدى إلى فشل محاولات فلاحيان وبعض المسؤولين الألمان، قد تجاوز عقبة ميكونوس في العلاقات بين البلدين. والشاهد C تحدث في المحكمة بالتفصيل عن خفايا اغتيال شرفكندي ورفاقه والشخصيات المعارضة البارزة مثل الدكتور شابور بختيار زعيم حركة المقاومة الوطنية ورئيس وزراء ايران الأسبق ومساعده سروش كتيبة والدكتور عبد الرحمن قاسملو الزعيم التاريخي للاكراد و... كما كشف عن دور وزير الاستخبارات في تشكيل خلايا تصفية من عناصر إيرانية ولبنانية في الخارج.
وتصريحات الشاهد والوثائق التي قدمها إلى المحكمة قد مهدت لإدانة دارابي وشركائه بحيث أصدرت محكمة برلين حكماً بالحبس المؤبد لكل من دارابي وعباس رايل و11 عاماً ليوسف أمين وخمس سنوات لمحمد عتريس. من جانب آخر كشف المصدر الإيراني لأول مرة ان عددا من أبرز قادة الحرس الثوري تواجدوا في لبنان خلال الحرب الاخيرة منذ ايامها الاولى وحتى اليوم الأخير للحرب.
وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى ان أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام والقائد العام السابق للحرس الثوري اللواء محسن رضائي، قد توجه إلى لبنان برفقة ثمانية من كبار قادة الحرس بينهم محمد باقر ذو القدر نائب قائد الحرس السابق ومساعد وزير الداخلية حالياً والعميد قاسم سليماني قائد فيلق القدس والعميد احمد كاظمي القائد السابق لقوات الحرس البرية الذي لقي حتفه في العام الماضي اثر سقوط طائرته في أرومية شمال غربي إيران، وأكد المصدر على أن مجموعة من ضباط الحرس العاملين في وحدة الصواريخ ساعدت عناصر حزب الله على توجيه صواريخ أرض أرض إلى اسرائيل، بينما رضائي وزملاؤه كانوا يشرفون على غرفة العمليات والتخطيط وإدارة المعارك في قاعدة تحت الأرض لحزب الله شرق لبنان وفي منطقة قريبة من مدينة بعلبك. وحسب المصدر الايراني نفسه فان عملية نقل الجنديين الاسرائيليين إلى خارج لبنان ومن ثم إلى إيران تمت من قبل وحدة خاصة تابعة لفيلق القدس وبإشراف العميد قاسم سليماني نفسه حسب المصدر الإيراني.
لكن تقريرا صحافيا نشر امس في المانيا قال إن إسرائيل تحاول عرقلة إطلاق داربي، للضغط على إيران لتوفير معلومات عن الطيار الاسرائيلي المفقود في لبنان منذ عشرين عاما.
وقالت مجلة «ديرشبيغل» الالمانية، إن رئيس الوزراء الاسرئيلي إيهود أولمرت، أجرى اتصالا مع المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل الاسبوع الماضي، من أجل دعم المطلب الاسرائيلي في ما يتعلق بكاظم درابي. وقالت المجلة، إن ميركل ردت بأن هذا الامر خارج نطاق سلطاتها.
وتعتزم السلطات القضائية الالمانية إطلاق سراح داربي فى ديسمبر (كانون الاول) المقبل، بعد ان أدين بالتخطيط لشن الهجوم، وبعد أن قضى 15 عاما في السجن.
وتسعي إسرائيل للحصول على معلومات عن رون أراد، الذي فقد في الاجواء اللبنانية عام 1986، اعتقادا منها ان جماعة حزب الله اللبنانية التي تساندها إيران يمكن ان توفر معلومات عن مصيره.
وتعتزم ابنة أراد لقاء المدعي العام الالمانى مونيكا هامز هذا الاسبوع، لطرح مسألة الضغط على ايران، حسبما ذكرت «دير شبيغل».
October 14, 2007 02:17 AM