چاپ دوباره ترجمه عربي خاطرات آيت الله منتظري
دو روز پس از انتشار محدود خاطرات آيت الله حسين علي منتظري فشرده اين خاطرات را به صورت پاورقي طي چند شماره در روزنامه فرامنطقه اي الشرق الوسط به زبان عربي منتشر كردم.چند روز پيش شماري از طلبه هاي مركز جهاني اسلامي(مدرسه امام خميني درقم ) از من خواستند اين ترجمه را براي استفاده آنها روي سايت بگذارم.اين طلبه ها عرب و از كشورهاي همسايه ايران هستند.اين شما واين ترجمه عربي مهمترين بخشهاي خاطرات مردي كه حاضر نشد براي چندروزخليفه گري شرافت انساني خود را واگذار كند...
مذكـرات منتظــري
«الشرق الأوسط» تنشر مذكرات منتظري المحظورة في إيران
لنـدن: علـي نـوري زادة
نائب الخميني السابق: هاشمي لم يكن وراء تهريب المتفجرات إلى السعودية
كشف آية الله حسين علي منتظري، الخليفة المعين السابق للزعيم الايراني الراحل آية الله الخميني في مذكراته التي تثير الآن جدلاً قوياً وحساسية بالغة في ايران وحصلت «الشرق الأوسط» عليها، انه والخميني كانا من المؤيدين لحركة دينية راديكالية ولدت في مطلع الخمسينات من القرن العشرين وسعت الى توحيد المذاهب الاسلامية، بينما وقف كبار المراجع الشيعية في حوزة مدينة قم ضدها.
ويتحدث منتظري في المذكرات عن واقعة حدثت خلال مراسيم الحج عام 1986، عندما كشفت سلطات الأمن بمطار جدة خمسين كيلوغراماً من مادة سيمتكس الشديدة الانفجار مخبأة في حقائب خمسين حاجاً جاءوا الى السعودية ضمن حملة حج ايرانية جميع زوارها من مدينة أصفهان. وتبين خلال التحقيق مع الزوار المعتقلين انهم ابرياء ولا علاقة لهم بتلك المتفجرات فهم من الفلاحين والعمال والنساء والشيوخ. وقد اعترف رئيس الحملة بأنه سلم الحقائب الى الزوار بعد تسليمها اليه من قبل مسؤولي مديرية الحج في أصفهان، ورغم اكتشاف المتفجرات، فقد سمحت السلطات السعودية بأن يؤدي اعضاء الحملة مناسك الحج وان يعودوا الى ايران بعد عيد الأضحى. وبعد حوالي سنة من الحادث، اتهمت سلطات الأمن الايرانية مهدي هاشمي، شقيق صهر آية الله منتظري والرئيس السابق لمكتب دائرة الحركات التحررية في الحرس الثوري، بأنه كان وراء ارسال الحقائب المليئة بالمتفجرات الى السعودية، واحدى الجرائم التي صدر حكم الاعدام بحق مهدي هاشمي بسبب ارتكابه لها، كانت «السعي لإثارة الفتنة في علاقات ايران مع الدول الاسلامية بتهريب المتفجرات الى السعودية في حقائب الزوار الأصفهانيين».
وبعد 13 عاماً من اعدام مهدي هاشمي، يكشف آية الله منتظري في مذكراته ان شقيق صهره لم يكن وراء تهريب المتفجرات الى السعودية، بل ان جهات في وزارة الاستخبارات أقدمت على ذلك. وقد اعدم هاشمي لأنه كشف عن زيارة مكفارلين مستشار الرئيس الاميركي الأسبق رونالد ريغان لطهران.
آية الله منتظري: كنت والخميني من مؤيدي زعيم ثوري شاب سعى إلى الوحدة الإسلامية
النائب السابق لزعيم الثورة الإيرانية يستعرض في مذكراته سنوات دراسته الأولى وموقف قم من إنشاء إسرائيل
لم يكن الشيخ حسين علي منتظري في عداد المراجع الكبار في ايران عند اندلاع الثورة في منتصف عام 1978، كما ان شهرته كعالم دين معارض كانت محدودة جدا بسبب إبعاده عن الحوزة الدينية في مدينة قم خلال السنوات التي قضاها في السجن او المنفى.
ورغم ذلك فان زعيم الثورة آية الله الخميني استقبل منتظري الذي اطلق سراحه في اكتوبر (تشرين الاول) 1978، وتوجه بعد فترة قصيرة الى باريس بحفاوة كبيرة واسند اليه رئاسة مجلس قيادة الثورة. ومنذ ذلك اليوم بدأ الناس يدركون ان الشخصية الثانية بعد الخميني ضمن قادة الثورة ليست بهشتي او بازركان او قطب زاده او بني صدر، بل هو الشيخ منتظري الفقيه القروي الذي يتحدث بلهجة اصفهانية خالصة.
وبعد شهور قليلة من وصول علماء الدين الى السلطة في طهران مطلع عام 1979 اضفى الايرانيون العاديون القابا مختلفة على مساعدي الخميني، ولا سيما اصحاب العمائم من امثال بهشتي الذي نال لقب «راسبوتين الثورة» وكان المبادر الى اطلاق هذا اللقب ليس الصحف المعارضة والسكان فحسب، بل ايضا محمد منتظري، نجل آية الله حسين منتظري، الذي قتل في ما بعد بجوار بهشتي في حادث تفجير مقر الحزب الجمهوري الاسلامي في يوليو (تموز) 1981. ومحمد نفسه كان يلقب بـ«محمد رينغو» اشارة الى شخصية «رينغو» في افلام الغرب الاميركي، نظرا الى ولعه بالسلاح وممارساته الثورية غير الشرعية مثل خطف طائرة الى ليبيا للمشاركة في احتفالات الفاتح من سبتمبر بعد ان حظرت الحكومة الايرانية الثورية برئاسة مهدي بازركان مشاركة المسؤولين في تلك الاحتفالات احتجاجا على اختفاء عالم الدين الشيعي اللبناني موسى الصدر في ليبيا.
وبالنسبة لآية الله حسين منتظري، فان بساطته ولغته القريبة من مدارك القرويين الاميين كانتا من اسباب انتشار المئات من القصص والنكات والحكايات الطريفة عنه.
وقد تواصل تردد هذه الحكايات عنه حتى بعد تعيينه نائبا للخميني الذي سماه الخميني «الفقيه الاعلى»، وهو لقب ظل يخاطب به رسميا عشر سنوات في الصحف ووسائل الاعلام وعلى لسان المسؤولين، كبارهم وصغارهم.
ولكن بين ليلة وضحاها، اي منذ عزله في مارس (آذار) 1989 تحولت صورته لدى الناس من الشيخ الساذج والقروي الامي الى رمز للمعارضة والصدق والاخلاص والتقوى وسرعان ما اختفت النكات الصادرة حوله لتحل مكانها روايات عن سلوكه وافكاره ومعاناته. والمثير ايضا ان اجهزة الدعاية الحكومية والشخصيات القابضة على الحكم التي كانت قبل ذلك تخاطبه بـ«سماحة المرجع الاعلى» و«الفقيه الاعظم»، بدأت تصفه بما كانت تقول عنه المعارضة والناس العاديون من انه شيخ ساذج وقروي أمي.
وفي السنوات العشر الماضية، ظل منتظري إما تحت الاقامة الجبرية او تحت الضغط كي يتماشى مع الحكم، غير انه رفض مبايعة خليفة الخميني الحالي آية الله علي خامنئي وواصل انتقاده والتقليل من كفاءته واهليته للحكم. ورغم ان عددا من ابرز تلامذته الاوفياء تسلموا المناصب التنفيذية الرفيعة بعد انتخاب محمد خاتمي رئيسا للجمهورية (وخاتمي نفسه يعد من تلامذته والمعجبين بشخصيته)، غير انهم لم يتمكنوا من رفع الاقامة الجبرية عنه، بل ان عددا منهم، مثل عبد الله نوري وزير الداخلية السابق والدكتور محسن كديور الباحث وعالم الدين المثقف وحجة الاسلام حسن يوسفي اشكوري، تعرضوا للمحاكمة والسجن بسبب دفاعهم عنه وولائهم له.
ان مذكرات رجل عاش سنوات حكم الشاه الراحل، وامضى سنوات عديدة من عمره سجينا ومنفيا، ثم اصبح الرجل الثاني في ايران لمدة عشر سنوات، وعاش بعد ذلك اسوأ ايام حياته، كما يشير اليها بنفسه، في ظل الثورة التي جاهد هو نصف حياته في سبيل انتصارها، وخلال حكم تلامذته ممن كانوا يستأذنونه للانضمام الى المجلس قبل عزله، ليست مذكرات عادية لعالم دين دخل السياسة من بابها الاوسع، ورفض الصمت حيال انتهاك حقوق المؤمنين وهتك حرمة الناس، بل ان منتظري يضع امام قارئ مذكراته اكثر من نصف قرن من تاريخ ايران الحديث كشاهد عيان، ويكشف عن اسرار لم يعرفها سوى هو وقليل من اركان الثورة والنظام في ايران.
و«الشرق الأوسط» اختارت فصولا من مذكرات منتظري لقرائها لاضاءة بعض الزوايا المظلمة من تاريخ الجارة الكبيرة ايران.
وما يجب ذكره قبل استعراض مذكرات منتظري، انه بسبب ايمانه بمبدأ الوحدة بين المسلمين وضرورة ازالة الخلافات بين الشيعة والسنة، وكونه رائدا في دعم القضية الفلسطينية منذ السنوات الاولى لانطلاق الثورة الفلسطينية التي كان بعض مراجع قم افتوا بعدم مناصرتها بسبب كون قادتها من السنة، يحظى بمكانة خاصة لدى اهل السنة في ايران وخارجها، كما ان علاقاته الوثيقة مع ياسر عرفات والقيادات الفلسطينية القريبة من السلطة الوطنية وعلماء المسلمين في مختلف انحاء العالم الاسلامي، تظل وثيقة رغم انه يعيش تحت الاقامة الجبرية بعيدا عن الاتصالات الرسمية.
«ولدت في بيت صغير بمدينة نجف آباد القريبة من اصفهان. والدي كان فلاحا، ورغم امتلاكه مزرعة وحديقة، غير انه كان يعمل مزارعا لأحد المالكين. وفي ذلك الحين، اي قبل اكثر من سبعين عاما، كان في مدينتنا احد علماء الدين المحترمين، اسمه الحاج شيخ احمد حججي الذي خلافا لأقرانه، كان يختلط مع الناس وينصحهم بتعلم العلوم والدروس الدينية. ووالدي مثل العديد من ابناء نجف آباد كان يحضر دروس الشيخ احمد وتعلم فيها مقدمات اللغة العربية والعلوم الدينية، كما كان حافظا للقرآن. وحتى اواخر عمره كان يخطب ويقيم صلاة الجماعة الى جانب عمله في المزرعة.
وفي البداية تتلمذت عليه، كما ذهبت الى المدارس القديمة (الكتاتيب)، غير انني تركت المدرسة بعد ان تعرضت الى الجلد على ايدي احد المعلمين. وبعد فترة، ارسلني والدي الى اصفهان حيث حضرت دروس الشيخ منصور في الادب.
وفي عام 1314 الشمسي (1937 الميلادي) وبعد بلوغي سن الـ13 عاما، جئت الى مدينة قم حيث كان الحاج شيخ عبد الكريم حائري يزدي المرجع الكبير يرأس الحوزة. ونظرا الى ان الحكومة في ذلك الحين كانت تجري امتحانا للراغبين في الانضمام الى المدارس الدينية في الحوزة وممن كانوا يريدون ارتداء العمامة، فانني شاركت في الامتحان ونجحت. وقد مضى اكثر من عشرة شهور على اقامتي في مدينة قم دون ان اقبض الشهرية (المبلغ الذي يدفعه مراجع الحوزة الى الطلبة والمدرسين كراتب شهري). وكان والدي يعطيني نصف ريال ولم يكن هذا المبلغ يكفي لشراء الغذاء، ناهيك عن بقية الاشياء.
كنت أشتم رائحة الحلويات لعدة اشهر من دون ان اكون قادرا على شراء قطعة منها. ومرة قابلت الحاج شيخ عبد الكريم في حمام خان، وقال له الشيخ ابراهيم، احد معافي: هذا هو الشاب الذي طالبتكم بمنحه الشهرية. وسألني الشيخ عبد الكريم عن كتاب السيوطي وبعد ان قرأت له شعرا من الكتاب سمح بمنحي عشرة تومانات بالتقسيط. بقيت في قم حوالي عشرة شهور قبل عودتي الى اصفهان، حيث نزلت بمدرسة «الجدة الكبيرة»، وكان مبلغ الشهرية ريالين، كما ان بعض الاخيار كانوا يكرموننا بين الحين والآخر برغيف من الخبز».
ويتحدث آية الله منتظري بعد ذلك عن سنوات دراسته في «أصفهان» و«قم»، حيث نال اجازة الاجتهاد وهو ما يزال شابا، ويتذكر اساتذته والعلماء الكبار ممن تتلمذ عليهم، كما يشير الى سنوات حكم رضا شاه بهلوي والد الشاه الاخير الراحل محمد رضا بهلوي بمرارة شديدة بسبب قرار رضا شاه بنزع حجاب النساء وفرض ارتداء الزي الغربي (البدلة والبنطلون وربطة العنف والقبعة) على الرجال، ويكشف منتظري انه لم يكن يرتدي العمامة والعباءة في تلك السنوات، اذ ان العلماء الكبار فقط كان مسموحا لهم الظهور بالزي الديني».
وبعد ذلك يتحدث منتظري عن سنوات الحرب العالمية الثانية وخروج رضا شاه من البلاد، واستقرار المرجع الشيعي الكبير الراحل آية الله سيد حسين بروجردي في قم وتتلمذه عليه، وعن العلاقة الوثيقة التي نشأت بينه وبين بروجردي.
ومما يتذكره منتظري عن هذه الفترة: «كنا انا والمرحوم مرتضى مطهري (عضو مجلس قيادة ثورة 1979، اغتيل في بداية الثورة على ايدي تنظيم اصولي متطرف عرف باسم: الفرقان) نرغب في زيارة آية الله بروجردي ومحادثته عن كثب. وفي فصل الصيف ذهب آية الله الى مسقط رأسه مدينة بروجرد وذهبنا نحن ايضا الى بروجرد، حيث حضرنا لمدة اربعين يوما دروس بروجردي. ونظرا الى ان معظم الذين كانوا يحضرون الدروس هم من كبار السن والعلماء المعروفين، فاننا لم نجلس في الصفوف الامامية».
ويشير منتظري الى سنوات حكم رئيس الوزراء الوطني الدكتور محمد مصدق، الذي كان بعض المراجع معارضين له بسبب مواقفه السياسية وتسامحه حيال نشاط الاحزاب اليسارية والشيوعية، ويقول «في هذه السنوات، ولدت حركة ثورية اسلامية باسم (فدائيي الاسلام) تحت زعامة رجل شاب، كان قد درس في المعهد الفني قبل التحاقه بالمدارس الدينية، هو نواب صفوي. وكان نواب صفوي متحمسا لفكرة الوحدة الاسلامية وسافر الى مصر والتقى قادة حركة الاخوان المسلمين وشيوخ الازهر، وفي الحوزة الدينية بقم كان الطلبة يؤيدون مواقفه وتوجهات نواب صفوي ونائبه حجة الاسلام واحدي، بينما المراجع الكبار اعتبروا ممارسات نواب صفوي وآراءه الثورية الراديكالية مخالفة لمبادئ الشريعة والنظام المطبق في الحوزة.
وآية الله بروجردي الذي تعرض للاهانة من قبل بعض الطلبة المؤيدين لنواب صفوي في بداية انطلاق حركة (فدائيي الاسلام)، اتخذ موقفا سلبيا تجاه الحركة، وكل من ايدها ومنهم الامام الخميني الذي كان في ذلك الحين احد المدرسين البارزين في الحوزة».
ويتذكر آية الله منتظري في هذا الفصل من مذكراته: «نحن كنا متعاطفين في قلوبنا مع نواب صفوي ورفاقه بسبب حملاتهم ضد الشاه ورجال الحكم. لقد ذهب بعض المشايخ في الحوزة الى بروجردي وقالوا له ان الخميني ومطهري من حماة نواب صفوي، وهما يثيران مشاعر الطلبة ضدكم. هكذا كان الوضع في قم في بداية انطلاق حركة تأميم النفط وثورة مصدق. وقد ذهب نواب صفوي من قم الى طهران وانضم الى آية الله كاشاني الذي عمل في البداية مع مصدق وسانده ووصل لفترة الى رئاسة مجلس الشورى الوطني».
ويروي منتظري كيفية تعامل الحوزة مع انشاء اسرائيل والحرب الاولى بين العرب واليهود في جزء آخر من مذكراته، ويقول: «لقد احتل اليهود ارض فلسطين وطردوا المسلمين من وطنهم، وقيل آنذاك، ان ايران بصدد الاعتراف باسرائيل. لقد كان آية الله العظمى محمد تقي خونساري من المراجع الكبار، الذين تعاونوا مع آية الله كاشاني في تعبئة الرأي العام ضد اسرائيل ولصالح الشعب الفلسطيني.
وممن لعبوا دورا مهما في هذا الصدد لا بد ان اذكر المرحوم (العلامة) رضا الصدر شقيق الامام موسى الصدر ونجل المرجع الراحل آية الله العظمى الصدر. وفي اجتماع عقدناه في قم تحدث رضا الصدر والسيد جواد حسيني عن الطلبة المتحمسين للقضية الفلسطينية، قال حسيني: في هذه اللحظات يواصل اليهود ذبح المسلمين، ونحن صامتون. لا بد ان نتطوع للقتال ضد اليهود وسأذهب انا غدا واسجل اسمي للجهاد. وفتح بعد ذلك دفترا في مدرسة الفيضية لتسجيل اسماء المتطوعين. وكان الطلبة يأتون لتسجيل اسمائهم للذهاب الى فلسطين. كيف؟ وبأي وسيلة؟ والطالب منا لم تتجاوز شهريته 15 ريالا؟ على اية حال ذهبنا جميعا الى بيت بروجردي، لاعلان استعدادنا للقتال، وحركتنا هذه اثارت الخوف والذعر لدى الحكومة، فأرسل رئيس الوزراء مدير الشرطة العميد ايزدي الى قم وهو شقيق اية الله ايزدي، وقد طمأن العميد ايزدي بروجردي على ان الحكومة لن تعترف باسرائيل، وان المسيرات التي تنطلق في قم يقف وراءها ابن آية الله الصدر الذي يريد النيل منكم (بروجردي) لصالح والده كي يصبح مرجعا اعلى للشيعة».
منتظري يكشف ظروف فتوى شيخ الأزهر بالاعتراف بالمذهب الشيعي
لماذا كان الود مفقودا بين بروجردي والخميني؟ ولماذا عزى الشاه محسن الحكيم بوفاة بروجردي؟
يشير منتظري في فصل آخر من مذكراته الى الاتصالات التي جرت بين المرجع الأعلى آية الله سيد حسين بروجردي في الخمسينات مع كبار علماء السنة، لا سيما مشايخ الازهر، لازالة سوء التفاهم القائم بين الشيعة والسنة والعمل سويا لتعزيز أسس الوحدة بين المسلمين من جميع المذاهب، ويقول: كان المرجع الراحل بروجردي مهتما بصورة جددة بقضية الوحدة بين المسلمين بحيث كان يأمل في زوال الخلافات وحصول التقارب بين ابناء الامة الواحدة. ولما علم بتشكيل دار للتقريب بين المذاهب الاسلامية في القاهرة من قبل الشيخ محمد تقي القمي (مندوب بروجردي المتجول في العالم الاسلامي) ارتاح كثيرا. ودائما كان سماحته يشير الى مساعي القمي. كما كان يتابع باهتمام بالغ مطالب مجلة «رسالة الاسلام» التي كان القمي يصدرها من القاهرة. وكنت شاهدا في يوم ما حين مجيء القمي الى مكتب بروجردي على كيف أصغى بروجردي الى تقريره وقد علت وجهه مظاهر الاعجاب والتقدير والارتياح.
وقدم سماحته بعد ذلك نصائح وتعليمات الى القمي لبذل مزيد من الاهتمام والسعي لكسب ود أهل السنة. وأتذكر ان حجة الاسلام وكيلي ـ احد مدرسي الحوزة ـ نظم اصول الفقه شعرا في كتاب اساء وكيلي في مقدمته الى الخلفاء الراشدين، وخاصة (الخليفة ابو بكر والخليفة عمر)، ولما علم بروجردي بمحتوى الكتاب وقرأ مقدمته قال وهو بالغ الغضب: هذا الكتاب من الكتب الضالة وليس لك (الكاتب) الحق في نشره. عليك حذف المقدمة وكل ما فيه اساءة الى الخلفاء.
كما أتذكر عندما جاء آية الله اميني صاحب كتاب «الغدير» الى اصفهان حيث استقبلناه بحرارة وألقى لعدة ايام خطبا دينية في احد مساجد اصفهان حول مسألة الخلافة وأثار خلالها قضايا حساسة تسببت في ايجاد جو عاطفي ضد السنة. ونتيجة لما يطرحه من فوق المنبر، عاود الناس إحياء بعض التقاليد مثل عيد التاسع من ربيع الاول (يوم اغتيال الخليفة الثاني). وكنت قد عدت الى قم في ذلك الحين، وذهبت الى بيت آية الله بروجردي حيث كان الحاج سيد محمد باقر ابطحي (احد تجار اصفهان) ووالد زوجته يزوران المرجع الاعلى. وفجأة قال آية الله بروجردي بصوت غاضب: ما هذا الوضع في اصفهان؟ اسرائيل تتجهز لغزو مصر، وتنوي احتلال قناة السويس، ان المسلمين في مصر يواجهون العدوان، ونحن هنا بصدد اثارة الفتنة والحرب بين الشيعة والسنة. ما الذي يجري في اصفهان؟.
لقد كان الزعيم الراحل غاضبا للغاية، ومع انه لم يذكر اسم آية الله اميني صراحة، الا انه عبر عن استيائه وذعره حيال خطبه في اصفهان.
وحول دور بروجردي في انشاء دار التقريب بين المذاهب الاسلامية وفتوى الشيخ محمود شلتوت بجواز المذهب الشيعي وشخصية العلامة محمد تقي القمي مندوب بروجردي ومؤسس دار التقريب الذي تعرض لأبشع الاهانات بعد الثورة، مما ادى اى هروبه من ايران والاقامة في باريس، حيث قتل في حادث مرور غامض في بداية التسعينات، يقول آية الله منتظري في مذكراته: حينما جاء الشيخ محمد تقي القمي الى قم بعد فترة من اقامته في مصر، استقبل بحفاوة بالغة من قبل بروجردي والطلبة، وكان القمي يتحدث بطريقة مثيرة لاعجاب الطلبة الشبان. ومما قاله: ان الكفار يتحدون الآن فلماذا نحن المسلمين نبتعد عن بعضنا البعض. ان الحوزة لا بد ان ترفع مستواها وتصبح جاهزة لمواجهة التحديات وايفاد المبلغين الاكفاء الى الخارج لنشر مبادئ المذهب وفقا لمتطلبات العصر. وقد روى القمي لي شخصيا ان الاندونيسيين عندما نالوا الاستقلال من هولندا ارسلوا مبعوثا الى مصر كي يطالب شيخ الازهر بايفاد الف عالم دين ومبلغ الى اندونيسيا لشرح مبادئ الدين الحنيف وتعليم الناس بأصول الشريعة. وقد ذهبت الى شيخ الازهر وقلت له انكم بصدد ايفاد المبلغين الى اندونيسيا وليس مذهب المبلغين (الشيعي او السني) مهما، اذ انه يجب ان يكون المبلغ مسلما مؤمنا وعالما بالقرآن ومبادئ الدين فلهذا ارجوكم اختيار بعض المبلغين والعلماء الشيعة ضمن المبلغين الموفدين الى اندونيسيا. وقد وافق شيخ الازهر على طلبي، لكنه اوضح انه يجب ان تكون بعض الشروط متوافرة لدى المبلغ. وفي مقدمتها معرفته اما باللغة المحلية الاندونيسية او باللغة الانجليزية، كما يجب ان يحظى الشخص المرشح بدعم وثقة آية الله بروجردي او احد كبار العلماء لديكم. واضاف الشيخ القمي، لما تأملت في كلام شيخ الازهر، ادركت بأنه لا يوجد في الحوزة في قم او في النجف اي شخص يجيد اللغات الاجنبية. فلهذا آثرت الامر مع بروجردي ودعوته لالزام الطلبة بتعلم اللغات الاجنبية مثل الانجليزية والفرنسية.
ويتابع منتظري حديثه عن نشاط القمي ودار التقريب ويقول: «ان القمي كان يركز اهتمامه في هذا الوقت على معالجة سوء التفاهمات بين السنة والشيعة وبمساعيه اصدر الشيخ محمود شلتوت شيخ الازهر فتواه الشهيرة باعتبار المذهب الشيعي، مذهبا اسلاميا خامسا. كما ان القمي باصداره مجلة «رسالة الاسلام» ساهم بشكل مؤثر في تقريب المسلمين الشيعة والسنة، كما ان تبادل الزيارات بين العلماء الشيعة والسنة بدأ بمبادرة من جانب القمي وبتشجيع ودعم الزعيم الراحل بروجردي. لقد ذهب القمي الى القاهرة ليدرس في الازهر وانشاء دار التقريب بالقاهرة بدعم المرجعية في قم. ومن الطبيعي انه كان بحاجة الى المساعدات المالية والحماية المعنوية لمواصلة عمله. ان الانتقادات الموجهة الى القمي حول ارتباطه بالحكومة الايرانية والشاه من قبل البعض ليست مبنية على ارضية صحيحة، اذ انه من الطبيعي ان يطالب الشخص الذي يقوم بعمل على مستوى التقريب بين المذهبين بدعم حكومة بلاده ومؤسسات بلاده لهذا العمل.
لقد كان الحاج سيد موسى الصدر زعيم الشيعة بلبنان على اتصال مع الشاه والحكومة الايرانية، ومرة خلال زيارته لايران زارني في بيتي وقال انه مدعو للقاء الشاه. وبعد لقائه زارني ثانية وقال لقد قابلت الشاه وطالبته بالغاء حكم الاعدام بحق حنيف نجاد (من مؤسسي منظمة مجاهدين خلق) كما أثرت امامه موضوع نفيكم (منتظري) من قم. وكان جهاز الامن بصدد طردي من قم الى منفى بعيد داخل البلاد. واشار الصدر الى ان الشاه طالب وزير البلاط اسد الله علم بمتابعة الامر.
اذن، لا يمكن معاقبة الصدر او القمي لانهما قابلا الشاه او كانا على اتصال مع الحكومة، في ذلك الحين لم تكن هناك حكومة باسم الجمهورية الاسلامية، وحكومة الشاه كانت الحكومة الشيعية الوحيدة في العالم.
واتذكر ان آية الله الراحل محسن الحكيم كان يقول ردا على انتقادات البعض لعلاقاته مع الشاه ودعمه للحكومة الايرانية، ان هناك دولة شيعية واحدة وملكها شيعي ونحن مضطرين لدعمه.
وفي الفصل التالي، يتحدث منتظري عن سنوات حكم الدكتور محمد مصدق الزعيم الوطني الايراني الذي قام بتأميم النفط وطرد البريطانيين من ايران، ويشرح اسباب معارضة بروجردي لمصدق وعلاقات الحوزة مع الشاه والحزب الشيوعي.
«كان آية الله بروجردي قلقا جدا حيال نشاط الحزب الشيوعي في عهد مصدق وكان ذلك من اسباب دعمه للشاه والقوى المناهضة لمصدق. ان الحزب الشيوعي في رأي الكثيرين منا، كان حزبا معاديا للدين، انه حزب الكفر ومصادرة الاموال. وفي وقت ما، كنت بمدينة نجف آباد وسمعت بأن اعضاء الحزب الشيوعي اغاروا على المحلات التجارية ووزعوا البضائع على الاهالي ووالدتي يرحمها الله قالت لي لقد شاهدت الهجوم على محل لأحد اقاربنا، هو العم يد الله ايزدي الذي كان يبيع السكر والحلويات. ووالدتي جاءت الى البيت ومعها كمية من السكر من دكان العم يد الله، وقالت لي انها تريد اعادة السكر الى صاحبه، وعندما انتهت المعركة امام دكان العم يد الله اعادت والدتي السكر اليه».
«كان هناك الكثير من الشيوعيين الذين كنا نسميهم «توده ـ نفتى» اي «الشيوعي البترولي» وذلك بسبب الارتباط السري للشيوعيين البريطانيين، اذ ان الاستخبارات البريطانية قامت بتجنيد هؤلاء ونفذت بعض مشاريعها عن طريقهم. لقد اوهم البعض آية الله بروجردي بأن الدكتور مصدق ليس ملتزما بمبادئ الدين».
ويتحدث منتظري بعد ذلك عن علاقته مع آية الله ابو القاسم كاشاني شريك الدكتور مصدق في معركة تأميم النفط وقد انشق كاشاني عن الحركة الوطنية وانضم الى فريق الشاه في حركته المضادة ضد مصدق بدعم من الاستخبارات الاميركية والبريطانية. ويشير الى علاقات استاذه وصديقه وزعيم الثورة الايرانية آية الله الخميني في ما بعد مع آية الله بروجردي في نهاية عقد الخمسينات.
اصدر آية الله بروجردي امرا شفاهيا الى بعض رجال الحوزة مثل آية الله داماد وآية الله الخميني والسيد صاحب الداري باصلاح الحوزة، غير ان آية الله الخميني كان يصر على ان يتم تحرير الامر كتابة وختمها رسميا.
وبعد فترة وافق آية الله بروجردي على ان يكتب اوامره، غير ان بعض الافراد قاموا باثارة المرجع الاعلى على آية الله الخميني مما ادى الى سحب الاوامر التي ارسلها بروجردي. وهذه كانت بداية القطيعة بين آية الله الخميني والمرحوم بروجردي. ان آية الله الخميني منذ ان جاء بروجردي الى قم وضع نفسه تحت تصرفه، وكان يحضر جميع دروس بروجردي، ويمتدحه امام الآخرين. وكان يقول دائما ان دروس سماحته تدرس بطريق خاص بحيث يصبح الطالب مجتهدا بصورة غير مباشرة، وكان يعتقد ان بروجردي جاء الى قم متأخرا عشرين سنة.
ان قضية الاوامر التي اشرت اليها وثم مسألة «فدائيي الاسلام» الذين كان آية الله الخميني حسبما قيل لآية الله بروجردي يؤيدهم، كانتا من اهم الامور التي وسعت الهوة بين بروجردي والخميني. وقد روى لي المرحوم آية الله صادق لواساني الذي كان من اقرب اصدقاء آية الله الخميني وشبيها له من حيث الظاهر، انه كان وكيلا لآية الله بروجردي في طهران. وفي احدى زياراته لقم ابدى آية الله الخميني، رغبته في مرافقته الى بيت آية الله بروجردي. واضاف لواساني ـ في حديثه لمنتظري ـ لقد ذهبت برفقة الخميني الى بيت بروجردي وجلسنا في ديوانه، بينما كان هو في مكتبه الخاص القريب من الديوان. ورغم ان ابنه ومسؤولي مكتبه خرجوا من المكتب وسلموا علينا فانهم لم يدعونا لدخول مكتب بروجردي وقد انتظرنا فترة طويلة الى ان قال لي آية الله الخميني: يجب ان نغادر المكان. وفي الطريق اكد لي آية الله الخميني بأنه لن يزور بروجردي بعد الآن. وفعلا لم يزره حتى وفاته.
ويتحدث آية الله منتظري في مذكراته عن مرحلة ما بعد وفاة بروجردي في شهر شوال عام 1380 الهجري (اي قبل حوالي 41 عاما)، والنزاع الخفي بين مراجع قم والنجف لخلافة بروجردي الذي كان غيابه حسب منتظري فاجعة للعالم الاسلامي والمسلمين الشيعة بوجه خاص بالنظر الى مكانته الرفيعة وسلوكه وآرائه وايمانه الكامل بالوحدة بين المسلمين.
«بعد وفاة آية الله بروجردي، خرجت المجعية عن دائرة المرجع الواحد، وتوزعت بين عدد من الآيات الكبار. وفي قم كان الآيات الثلاثة كلبايكاني ومرعشي النجفي وشريعة مداري اركان المرجعية بعد وفاة بروجردي، بينما كان بعض رجال الحوزة وانا بينهم، ينظرون الى آية الله الخميني باعتباره المرجع المؤهل لقيادة الحوزة.
غير ان رسالة آية الله الخميني الفقهية لم تكن قد طبعت بعد ـ ولا بد ان يكون للمرجع رسالته العلمية المطبوعة. وما زلت اتذكر انني ذهبت ذات يوم الى بيت آية الله كلبايكاني الذي كان مزدحما للغاية بالزوار الذين حضروا مراسم تأبين آية الله بروجردي المقامة في بيت كلبايكاني. وفي اليوم نفسه ذهبت الى بيت آية الله الخميني ايضا وأديت صلاة المغرب والعشاء وراءه.
وجلست بعد ذلك معه وتبادلنا الحديث، بشأن وفاة بروجردي. وخلال هذه الساعات لم يزر اي شخص بيت الخميني. بعبارة اخرى رغم اهتمامنا بمرجعية آية الله الخميني، كان الجو السائد في قم منحازا الى جانب كلبايكاني وشريعة مداري والى حد ما مرغشي النجفي. ومما يجب ذكره ان المراجع الكبار المقيمين في النجف مثل آية الله محسن الحكيم وآية الله الشاهرودي وآية الله الخوئي وآية الله سيد هادي الشيرازي كان لهم اتباع ومقلدون في ايران حينذاك.
وفي أذربيجان كان شريعة مداري والخوئي الأهم، فيما كان الشيرازي يتبعه ويقلده معظم اهالي نجف آباد واصفهان. وبعد وفاة آية الله بروجردي، جاء بعض الصحافيين الى قم لمعرفة رأي الطلبة والمدرسين بشأن المراجع المؤهلين لخلافة بروجردي. وقد ذكرنا نحن اسم آية الله الخميني ضمن المراجع الكبار. وقد اقام جميع المراجع مجالس الفاتحة والتأبين على روح بروجردي في قم، والخميني كان المرجع الخامس عشر او السادس عشر الذي اقام مجلسا مماثلا. ولا بد ان اقول ان تلامذة الخميني هم الذين اصروا على اقامة المجلس، اذ ان آية الله الخميني نفسه لم يكن مهتما بابراز نفسه، كما ان طباعة رسالته الفقهية تمت ايضا تحت الحاحنا. وما زلت اتذكر ان السيد مولائي ـ احد تلامذة الخميني ـ جاء ذات يوم الى بيتي وقال انه من الضروري ان تطبع رسالة السيد الخميني. وبعد وفاة آية الله سيد عبد الهادي الشيرازي، تحققت مرجعية آية الله الخميني في نجف آباد ورفسنجان، غير انه لم يكن له مقلدون كثيرون في باقي المدن.
ومما يجدر ذكره ان الشاه بعث ببرقية تعزية بوفاة آية الله بروجردي الى آية الله الحكيم في النجف، في محاولة لنقل المرجعية من قم الى النجف، نظرا الى ان آية الله بروجردي كان يعارض الاصلاح الزراعي وتوزيع الاراضي على الفلاحين وبعض سياسات الشاه مثل سياسته امام اسرائيل، فلهذا فان الشاه كان يرغب في ان تنتقل المرجعية الى النجف حتى لا يكون صوتا يعارض برامجه من حوزة قم.
«الشرق الأوسط» تنشر مذكرات منتظري المحظورة في إيران
لنـدن: علـي نـوري زادة
منتظري في مذكراته: عرفات استبشر بالثورة واعتبر أن فلسطين استعيدت
طيلة السنوات العشر الاولى من عمر الجمهورية الايرانية شغل آية الله حسين علي منتظري الموقع الثاني في الزعامة السياسية والدينية في ايران بعد زعيم ثورة 1979 آية الله الخميني الذي اختار بنفسه تلميذه القديم منتظري لنيابته في حياته وخلافته مرشدا للجمهورية الايرانية بعد وفاته، وذلك قبل التطور الدراماتيكي الذي وقع قبل اشهر قليلة من تلك الوفاة، حيث قرر الخميني اعفاء منتظري بناء على تقارير من المساعدين الآخرين للزعيم الايراني في اطار الصراع على السلطة الذي اشتد عشية اقتراب منية الخميني. في احد الاجزاء المهمة من مذكراته المحظورة في ايران يتحدث منتظري المفروضة عليه الاقامة الجبرية في منزله بمدينة قم منذ سنوات بسبب خلافاته مع المرشد الحالي آية الله علي خامنئي عن السنوات الاول للنظام الثوري في ايران واندلاع الحرب العراقية ـ الايرانية والاوهام التي سيطرت والاخطاء التي ارتكبت آنذاك وعواقبها. وفي ما يلي حلقة جديدة من المذكرات:
* الخميني رفض تطمين الدول المجاورة وصدام استغل أجواء الخوف لشن الحرب«يقول البعض بوجوب عدم الكشف عن الحقائق بكاملها، غير انني اعتقد بضرورة قول الحقيقة.
ان الانسان اذا لم يذكر الاحداث التاريخية بدقة وامانة فانه لا يخون التاريخ فحسب بل ان خيانته تمتد الى الاجيال القادمة.
بعد انتصار الثورة اصيب الامام الخميني واصبنا نحن ايضا بغرور خاص، وكنا نعتقد اننا حققنا نصرا عظيما والعالم صار في جيبنا. وكنا نقول ان القضية التي يجب ان تستحوذ على تفكيرنا ونشاطنا هي قضية الاسلام، وبالتالي فلا قيمة لكيان الدولة الايرانية أو غيرها من الدول الاسلامية.
الامام الخميني هو قائد المسلمين ونحن حماة الشعوب الاسلامية.. فلهذا فان محور سياستنا الخارجية في تلك المرحلة كان قائما على اساس فكرة تصدير الثورة ومدّ سلطة الدولة الاسلامية. وما من شك في ان شعاراتنا قد اثارت الخوف والذعر في البلدان المجاورة التي اتخذت، بسبب ذلك، موقفا سلبيا حيال الثورة. وعندما جاء ياسر عرفات الى ايران في الايام الاولى لانتصار الثورة ولمس الشعور الثوري والحماس القائم عند الشعب والقيادة الثورية قال: لقد استعيدت فلسطين. اتذكر انه حينما كان موضوع العلاقات مع الدول المجاورة يُطرح مع الامام الخميني في ذلك الحين كان يرد بغضب (على من كانوا يدعون الى تحسين العلاقات مع هذه الدول). وفي اجواء كتلك لم يكن يتصور اي شخص ان العراق سيتجرأ على شن الحرب ضد ايران. كان يقال في طهران: من هو العراق؟
تلك الاجواء زادت من قلق وخوف الدول المجاورة، والنظام العراقي الذي كان يبحث عن ذرائع ـ للتخلي عن التزاماته في اتفاقية الجزائر ـ انتهز الفرصة، فقد ظهر صدام حسين على التلفزيون ومزق اتفاقية الجزائر التي سبق ان وقع عليها في عهد الشاه.
وكانت وسائل الاعلام في الدول المجاورة الاخرى هي الاخرى قد بدأت تبث مطالب ودعايات معادية لنا نتيجة للسياسة المتبعة من قبل الاجهزة الثورية في بداية قيام الجمهورية. وذات يوم ذهبت الى الامام الخميني الذي كان يقيم في بيت الشيخ محمد يزدي (رئيس السلطة القضائية السابق وعضو مجلس صيانة الدستور حاليا) وقلت له ان جميع الثورات التي تنتصر في العالم تقوم عادة بايفاد مبعوثين الى الدول المجاورة لايضاح سياسة الثوار وتوجهاتهم واهدافهم، وما الاحظه في المنطقة بعد ان انتشر الخوف والذعر من شعاراتنا واسلوبنا ودعايتنا الثورية ينذر بالخطر ولا بد ان نوفد بعثات الى الدول المجاورة لطمأنتها على اهدافنا والتقليل من قلقها. وقد رد الامام على نصائحي هذه قائلا: لا تهمنا الحكومات، فقلت: لا نستطيع ان نبني جدارا حول ايران، فهذه الحكومات قائمة وموجودة بجوارنا وعلينا التعامل معها خاصة ان الخوف والقلق يسودان اجواء الدول المجاورة. غير ان الامام رفض القبول بطلبي وقال: سنبني جدارا حول بلدنا.
لقد كان الامام الراحل غير مستعد لمناقشة هذه الامور، وكان يقول ان الشعوب جميعها معنا. انني اعتقد لو اننا انتهجنا سياسة قائمة على التفاهم والتعاضد مع الدول المجاورة لما كان العراق سيتجرأ ويشن الحرب علينا. وما من شك في ان الدول الاستعمارية استغلت الوضع وشجعت العراق على الهجوم في وقت لم نكن فيه مستعدين للحرب، فقد عبرت القوات العراقية الحدود دون وجود استعدادات دفاعية للتصدي لهذه القوات. وكان ظهير نجاد (اللواء قاسم علي ظهير نجاد قائد القوات البرية ورئيس اركان الجيش خلال الحرب، وتوفي قبل عامين) ـ يقول ان الجنود الايرانيين رأوا فجأة الجنود العراقيين يعبرون نهر كارون (شط العرب). لقد انتهك الجيش العراقي كل المبادئ الاخلاقية، فقد اعتدى جنود صدام حسين على 22 فتاة في بلدة فكة ثم قتلوهن وعثرنا على اجسادهن في ما بعد، كما اخذوا كثيرا من الاسرى. واغاروا على البيوت وقاموا باعمال النهب».
كان منتظري اول عضو في القيادة الايرانية يقوم بزيارة الجبهة وهو يتحدث في مذكراته عن تفقده للجنود ورجال الحرس الثوري الباسدران، ويشير الى ان الخلافات الكبيرة بين ضباط الحرس الثوري وضباط الجيش النظامي المستائين من اسلوب رجال الحرس وممارساتهم الخطرة. ويقول منتظري انه سعى لتسوية هذه الخلافات.
كان هناك شعور بان (ابو الحسن) بني صدر رئيس الجمهورية آنذاك الذي كان يشرف على شؤون الحرب باعتباره رئيس مجلس الدفاع الاعلى يريد كسب الوقت والانتظار والتريث. غير ان المشكلة الاساسية كانت الخلافات بين الجيش والحرس، اذ ان ضباط الجيش كانوا منضبطين وحاولوا فرض الانضباط على رجال الحرس الرافضين للنظم والقواعد.
وفي جزء آخر من مذكراته حول سنوات الحرب يتحدث منتظري عن مشاركة والده وابنائه في الحرب وقد فقد ابنه الاصغر سعيد احدى عينيه في الحرب. وقد اعتقل هذا الابن منذ اسبوعين بتهمة تسريب هذه المذكرات الى وسائل الاعلام.
ويروي نائب الخميني المعزول، كيف اوصى بتشكيل وحدات غير منتظمة لشن حرب العصابات داخل العراق ضد مواقع ومنشآت الجيش العراقي، كما يذكر دوافع قيام «المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق» وانشاء «فيلق بدر» بمساعدة الحرس الثوري. وردا على انتقاد حول نشاط الوحدات السرية التي ارسلتها ايران الى العراق للقيام بتصفية عناصر حزب البعث والعسكريين الكبار وما اذا كانت تلك الاعمال منافية لتعاليم الدين الاسلامي، يشير منتظري الى ان تلك الوحدات كانت مكلفة بتوجيه الضربات الى القوات العراقية وتخريب الاجهزة والمنشآت العسكرية، وهو ما تعتبره من ضمن العمليات العسكرية المشروعة ضد القوات المعتدية.
وبالنسبة لفكرة دمج الحرس بالجيش النظامي والتي أثارها بعض قادة الحرس وعلماء الدين، يقول منتظري انه كانت تصل اليه شكاوى عدة حول الخلافات بين الجيش والحرس والتي تركت تأثيرها السلبي على معنويات رجال الجيش والحرس «ولهذا فانني كنت اعتقد بان دمج الحرس في الجيش سيؤدي الى تعزيز الوحدة في صفوف القوات المسلحة».
ويضيف منتظري في مذكراته: «بعد عزل بني صدر، لم يكن خامنئي برغم مسؤوليته كرئيس الجمهورية، يتدخل في شؤون الحرب، بينما هاشمي رفسنجاني رئيس البرلمان كان يتولى ادارة شؤون الحرب بصورة عملية. وعلى سبيل المثال فان محسن رضائي (قائد الحرس السابق وامين مجلس صيانة الدستور حاليا) كان يحادثه هاتفيا من الجبهة ويتلقى منه تعليمات. وفي بعض الاجتماعات رأيت بنفسي كيف كان هاشمي رفسنجاني يرد على مطالب ذات علاقة بالحرب هاتفيا، بينما كان بعض المسؤولين يراجعونني لبحث قضايا مرتبطة بسير الحرب وشؤونها، وكنت اقول دائما بوجوب طرح هذه القضايا مع مسؤولي الحرب.
ومرة ذهبت الى الامام الخميني وطرحت عليه هذه القضايا وقلت ان بعض القادة العسكريين يقولون ان هناك خططا مكلفة جدا بشريا، وضعفا في قيادة الحرب واختراقات في مركز تخطيط العمليات، اذ ان العدو يعلم مسبقا ببرامجنا ومشاريعنا.
شرحت هذه القضايا للامام الخميني، وقلت ان صدام حسين يذهب بنفسه الى الجبهة ويقود قواته بينما نحن نحل المشاكل وندير الحرب بواسطة الهاتف. وفي رسالة ارسلتها الى الامام الخميني في ما بعد طالبت بتعيين قيادة واعية.
ويتحدث منتظري عن ملابسات استمرار الحرب بعد معركة خرمشهر التي انتهت بتحرير الاراضي الايرانية المحتلة وانتصار القوات العسكرية واسر الآلاف من الضباط والجنود العراقيين. ويكشف ان العديد من قادة الجيش والمسؤولين الكبار، وغيرهم من الشخصيات السياسية والاجتماعية كانوا يعارضون نقل الحرب الى داخل الاراضي العراقية، وقد دعا هؤلاء لانهاء الحرب تلبية لنداءات قادة العالم الاسلامي الذين جاء عدد منهم الى ايران.
غير ان اولئك الذين كانوا بصدد بسط سلطتهم واقصاء رجال الثورة الحقيقيين مثل منتظري عن السلطة شجعوا الخميني على مواصلة الحرب ضد العراق. ويشير منتظري في مذكراته الى ان التقارير التي كانت تصل الى الخميني من مسؤولي الحرب كانت غير دقيقة وكاذبة في شرح الوقائع، وعلى سبيل المثال فانه في العمليات الاخيرة في تلك المرحلة اعلن صدام حسين ان قواته قتلت اربعة آلاف من الايرانيين، لكن الخبر الذي اذيع من الاذاعة والتلفزيون الايرانيين قال انه لا يوجد في جبهة تلك العمليات اكثر من اربعة آلاف مقاتل وانهم جميعا احياء، وقد نقلت هذه المعلومات نفسها الخميني، غير انه بعد فترة جاء بعض القادة من ساحة الحرب وكشفوا لمنتظري، كما يقول في مذكراته ان عدد القوات الايرانية في تلك الجبهة يتجاوز السبعين الفا او الثمانين الفا، وانه قتل بالفعل اربعة آلاف منهم «ذهبت الى الامام الخميني وقلت له ان القول بانه ليس لنا في تلك الجبهة اكثر من اربعة آلاف مقاتل غير صحيح، ونقلت اليه ما سمعته من القادة العسكريين، فهز الامام رأسه وقال يبدو انهم اعطوني تقارير خاطئة».
ويستطرد منتظري: وفي عملية الفاو، سحب هؤلاء (رفسنجاني ومحسن رضائي وغيرهما من مسؤولي الحرب) قواتنا من شبه جزيرة الفاو (اقصى جنوب العراق) بغية ارسالها الى مدينة حلبجة (الكردية في شمال العراق)، وكانت نتيجة عملهم مأساوية اذ ان صدام حسين ارسل قواته واستعاد الفاو بسهولة ثم هاجم الشلامجة وقتل الالاف من رجالنا، علما ان احتلال حلبجة من قبل قواتنا لم يكن عملا صحيحا، اذ أسفر عن هجوم صدام حسين بالقنابل الكيماوية حيث قتل في الحال خمسة آلاف من اهالي المدينة. لقد كلفتنا المنشآت والاجهزة التي تم بناؤها ونصبها في الفاو الملايين من التومانات... ان صدام حسين كان يدير الحرب بالتشاور مع جنرالاته والخبراء العسكريين، كما كان نفسه يذهب الى الجبهة ويشرف على العمليات بينما في بلدنا كانوا يديرون الحرب وحل المشاكل عبر الهاتف. ولا بد القول ان خامنئي لم يكن يتدخل في شؤون الحرب كثيرا كما ان مير حسين موسوي رئيس الوزراء لم يكن له ارتباط بقضايا الحرب والجبهات، والقرارات كانت جميعا بيد هاشمي رفسنجاني واحمد الخميني (نجل الخميني).
منتظري: رسالة من تاجر سلاح وصلتني بالصدفة كشفت الاتصالات السرية بين طهران وواشنطن
مذكرات آية الله حسين منتظري اثارت ضجة واسعة في ايران دفعت بالسلطات الى منع تداولها واعتقال بعض الاشخاص بتهمة محاولة توزيعها في كراسات، لانها احتوت على الكثير من الاسرار والقضايا الخلافية. وفي الفصول المتعلقة بالحرب الايرانية ـ العراقية، يتحدث آية الله منتظري الذي كان نائبا لآية الله الخميني طيلة فترة الحرب، عن الخلافات العميقة بين الجيش والحرس ومعرفة العراق وبتفاصيل تحركات القوات الايرانية وادارة الحرب من طهران، ويذكر كيف اضاعت القيادة الفرص لانهاء الحرب بصورة مشرفة. ثم يروي لأول مرة تفاصيل قضية ايران غيت التي اعدم شقيق صهره مهدي هاشمي بسبب تسريب اخبارها الى وسائل الاعلام. وفي ما يلي حلقة جديدة من المذكرات التي حصلت عليها «الشرق الاوسط»:
* الخميني وافق على تجرع كأس السم وقبول التسوية مع العراق بعد نصيحة من مستشاريه
* اقترحت القبول بوساطة الدول الإسلامية كمخرج للقبول بالقرار 598 ووقف الحرب لندن: علي نوري زادة «كان هناك رجل ثري باسم منوتشهر قرباني فر عمل في حقل تجارة السلاح، وكانت لديه ارتباطات وثيقة مع جهات في الخارج، في اميركا وغيرها. هذا الرجل جاء الى ايران برفقة مكفارلن ممثل (الرئيس الاميركي آنذاك) رونالد ريغان. وكان الدكتور محمد علي هادي نجف آبادي ـ سفير ايران السابق في الامارات والسعودية ومساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والبرلمانية حاليا ـ قد اجرى مباحثات مع مكفارلن بتكليف من مسؤولين في طهران. ووصلتني تقارير تحتوي على رسالة في مكتبي، باعتباري قائمقام الولي الفقيه. ولما قرأت تلك التقارير والرسالة التي كانت من منوتشهر قرباني بواسطة اوميد نجف ابادي علمت بتفاصيل الاتصالات السرية مع اميركا وزيارة مكفارلن. وبالنظر الى تورط اسرائيل في الامر، فانني اعترضت بشدة، بحيث كنت ارى ان القضية معيبة جدا.
ولما زارني السيد (هاشمي) رفسنجاني اعترضت على الامر وقلت لماذا لم تبلغوني بقضية زيارة مكفارلن؟ وفوجئ رفسنجاني وقال «كنا ننوي ابلاغكم في ما بعد..».
هل كان الخميني على علم بزيارة مكفارلن والاتصالات السرية مع الولايات المتحدة ومجيء مسؤولي الموساد والاستخبارات الاميركية الى ايران؟ يقول منتظري: «لا ادري ما اذا كان الامام الخميني على علم بالموضوع منذ بدايته، المهم انني ذهبت الى بيته بعد مواجهتي مع هاشمي رفسنجاني وشرحت الامر للسيد احمد الخميني (نجل الخميني) الذي فوجئ هو ايضا بمعرفتي الشاملة بالقضية. اذ سأل من اين جاءتك المعلومات. فقلت لا يهمك لعل الجان خابروني! قال، حسنا حينما يطلعونكم الجان بهذه الاخبار حبذا لو ارسلتموها الى الامام الخميني. لقد كان رفسنجاني واحمد الخميني والآخرون مستاءين جدا ازاء معرفتي بالامر..».
وهل سبب تسريب خبر زيارة مكفارلن والكولونيل اوليفر نورث وممثلي الاستخبارات الاميركية والاسرائيلية سرا لطهران، في اعتقال واعدام اوميد نجف آبادي المدعي العام السابق في مدينة اصفهان، ومهدي هاشمي شقيق صهر منتظري واحد مؤسسي الحرس ورئيس مكتب الحركات والتنظيمات التحررية والثورية بقيادة حراس الثورة؟
يرد منتظري على هذا السؤال في مذكراته قائلا: «كل شيء محتمل والاحتمال خفيف المؤونة، اذ ان بعض الاخبار السرية والتلكسات التي وصلت الى جهاز التلكس الخاص في بيتنا تشير الى وجود علاقة بين اعدامهما وقضية ايران غيت وشحن الاسلحة الاسرائيلية الى ايران، ومما يجب ذكره ان السيد قرباني ارسل لي رسالة بعد ذلك، اشار فيها الى انه من المقرر ان يتم عزلي من منصب قائمقام ـ نائب ـ الولي الفقيه ـ ويكشف ذلك، انه ـ اي قرباني فر ـ كان على اتصال مع بعض المراكز. وان مشروع عزلي كان قيد الدرس قبل تطورات بداية عام 1368 الشمسي (مارس ـ آذار 1988) (اي تبادل الرسائل الغاضبة بين منتظري والخميني وصدور قرار عزل منتظري من قبل استاذه)».
انقلاب في جبهة العرب لقد كان واضحا بعد قضية ايران غيت، بان علاقة الخميني مع خليفته منتظري ليست على ما يرام، فهناك سوء تفاهم بين الرجلين بات يتضخم اكثر فأكثر نتيجة لوصول رسائل وتقارير الى الخميني من المتورطين في مشروع عزل منتظري وفي مقدمتهم احمد الخميني ومحمد محمدي ريشهري وزير الاستخبارات وغيرهما ضد منتظري، والمرحلة كانت مرحلة حساسة، بحيث انقلبت الامور في جبهات الحرب مع العراق لصالح القوات العراقية بينما مرض الخميني اشتد في طهران. ولنسمع هنا رواية منتظري عن الاشهر الاخيرة للحرب وملابسات قبول الخميني بقرار مجلس الامن رقم 598 لانهاء الحرب مع العراق والتخلي عن شعارات «فتح القدس عبر كربلاء ومحاكمة صدام حسين واقامة جمهورية اسلامية برئاسة حجة الاسلام باقر الحكيم في العراق».
ويقول منتظري: «حينما احتل صدام حسين جزءا من اراضينا كان رأينا مثل رأي جميع ابناء ايران قائما على مبدأ محاربة المعتدي وتحرير ارضنا المحتلة. وبعد تحرير خرمشهر وهزيمة العراق، كنا نحس بانه ليس لدى جنودنا دافع حقيقي لمواصلة الحرب وجرهم الى داخل العراق. وكان العسكريون يقولون: لقد حاربنا صدام حسين لحد الآن دفاعا عن الوطن ونجحنا في طرد العدو وتحرير اراضينا، ومواصلة الحرب بعد الآن معناها اننا نريد التوسع، وعلى اساس هذا الاحساس وجهت رسالة ـ الى المسؤولين ـ بان عليكم انهاء الحرب، وليس من مصلحتنا مواصلتها.
وفي تلك المرحلة كان من الممكن ان نحصل على تعويضات كاملة والجميع كانوا سيساعدوننا في ذلك. غير ان السادة (مسؤولي الحرب والنظام) كانوا يتصورون بانهم يستطيعون احتلال العراق واسقاط صدام حسين. استمرت الحرب، وانا بصفتي قائمقام
November 4, 2007 02:59 PM