إيران: تبرئة موسويان من التجسس تثير خلافا بين الحكومة والقضاء
القضاء يأمر بفتح دعوى جديدة حول زهرة كاظمي
طهران تعلن عن غواصة وصاروخ جديدين.. وباريس قلقة
لندن: على نوري زاده
منال لطفي
في قرار يعتبر انتصارا لرئيس مجلس الخبراء الإيراني هاشمي رفسنجاني، أمام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أعلن القضاء الايراني امس، إسقاط تهمة التجسس وحيازة وثائق سرية ضد حسين موسويان الناطق باسم فريق المفاوضين السابق في المجال النووي، المقرب من تيار المعتدلين والبراغماتيين في إيران. وقال علي رضا جمشيدي الناطق باسم السلطة القضائية في تصريح صحافي اسبوعي «لقد كان متهما بالتجسس وحيازة وثائق سرية والدعاية ضد النظام...
عربة إيرانية تحمل أحد صواريخ «شهاب 3» في استعراض عسكري بطهران في سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
لكنه اضاف ان «المدعي العام يمكن ان يصدر رأيا مخالفا وفي هذه الحالة ستصبح القضية امام المحكمة وسيعود الامر الى القاضي ليبت بها». ولقد برئ من اول تهمتين، واعتبر مذنبا في الثالثة». وجاء هذا التطور بعد ساعات قليلة من مطالبة المتحدث باسم الحكومة غلام حسين الهام «إجراء محاكمة علنية للجاسوس النووي» ما يشير الى الخلافات في هذه القضية بين الحكومة والسلطة القضائية. وفيما قال وزير الدفاع الايراني، مصطفى محمد نجار، إن ايران صنعت صاروخا جديدا قادرا على ضرب أهداف على مسافة ألفي كيلومتر، وأن البحرية ستتسلم غواصة ايرانية جديدة اليوم، اعربت فرنسا «عن قلقها» من التطور.
وجاء هذا التطور بعد ساعات قليلة من مطالبة المتحدث باسم الحكومة غلام حسين الهام اجراء «محاكمة علنية للجاسوس النووي»، مما يشير بوضوح الى الخلافات في هذه القضية بين الحكومة والسلطة القضائية ومكتبي خامنئي ورفسنجاني. وقال إلهام ان «القضاء والقضاة مستقلون ونعتقد انه يجب تنظيم محاكمة علنية للجاسوس النووي لتوضيح كل شيء». وقال مصدر إيراني لـ«الشرق الاوسط» ان موسويان، المفاوض المعتدل، الذي عمل مع حسن روحاني، أمين مجلس الامن القومي الإيراني السابق «ضحية» للتوتر بين الاجنحة السياسية، موضحا ان اتهام موسويان بالتجسس لصالح لندن بالذات ربما جاء لانه كان كثير السفر الى لندن للمشاركة في مؤتمرات وندوات بـ«مدرسة لندن للاقتصاد». وبعد الاعلان عن تبرئة موسويان، اعلن طلاب اسلاميون من «جامعة العلوم والصناعة» عن تجمع امام مقر السلطة القضائية للاحتجاج على هذا القرار. وكان موسويان أحد اعضاء فريق المفاوضين في الملف النووي بقيادة روحاني الذي تم استبداله عام 2005 مع وصول احمدي نجاد الى السلطة. وكان موسويان يخضع لتحقيق بعدما اوقف لبضعة ايام في مايو (آيار). ثم افرج عنه بكفالة. وقد اتهم الرئيس احمدي نجاد في سبتمبر (آيلول) ثم مجددا في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) خصومه السياسيين بالضغط على القاضي المكلف ملف موسويان للحصول على الافراج عنه. ومعروف ان موسويان مقرب من رفسنجاني ومن الرئيس السابق الاصلاحي محمد خاتمي. وقد انتقد رفسنجاني وخاتمي في الاونة الاخيرة بعبارات مبطنة وصريحة السياسة التي ينتهجها احمدي نجاد. وقال احمدي نجاد ان «الخونة مارسوا ضغوطا على القاضي في قضية لتبرئة جاسوس. ان الامة الايرانية لن تسمح للبعض بان ينقذوا المذنبين من الثأر الشعبي عبر استخدام نفوذهم الاقتصادي والسياسي». واكد وزير الاستخبارات الايراني غلام حسين محسني ايجائي ما قاله احمدي نجاد قائلا ان «العديد من الاشخاص النافذين طلبوا من القاضي» الافراج عن موسويان. وقال منتصف الشهر الجاري ان موسويان سلم معلومات تتعارض مع مصالح ايران والامن القومي الى اجانب، وخصوصا السفارة البريطانية. واضاف ان «هذا الاتهام ابلغ اليه اعتبارا من اليوم الاول، وبالنسبة لوزارة الاستخبارات فانه تم اثباته»، معتبرا ان موسويان «مذنب» لكن الامر يعود الى القاضي ليبت في ذلك. وظهر موسويان في 12 نوفمبر الى جانب رفسنجاني خلال اجتماع انتقد فيه الرئيس الايراني السابق ضمنا السياسة النووية التي يعتمدها احمدي نجاد. وحذر من وجود «خطر كبير» على البلاد خلافا للضمانات التي يقدمها الرئيس.
الى ذلك، اعلن القضاء الايراني امس ان المحكمة العليا امرت بفتح دعوى جديدة في قضية وفاة المصورة الكندية ـ الايرانية زهرة كاظمي اثناء توقيفها عام 2003. وقال علي رضا جمشيدي المتحدث باسم السلطة القضائية ان «القضية احيلت الى محكمة مختصة ستحقق فيها وتصدر حكما نهائيا». وكانت زهرة كاظمي، 54 عاما، اوقفت اواخر يونيو (حزيران) 2003 بينما كانت تلتقط صورا امام سجن ايفين في طهران، وتعرضت للضرب المبرح خلال توقيفها، وتوفيت في العاشر من يوليو (تموز) 2003. وكانت محكمة بداية، وليس محكمة جنائية، قضت بتبرئة المتهم الوحيد في قضية وفاة كاظمي وهو عميل في وزارة الاستخبارات، واكدت هذا الحكم لاحقا محكمة استئناف امرت في الوقت عينه باجراء تحقيقات جديدة حول شوائب اعترت التحقيق الاول. على صعيد أخر، قال وزير الدفاع الايراني مصطفى محمد نجار ان ايران صنعت صاروخا جديدا قادرا على ضرب أهداف على مسافة ألفي كيلومتر ليضاهي مدى صاروخ اخر في ترسانتها، وهو الصاروخ «شهاب 3«. ولم يوضح الوزير الذي نقلت «وكالة فارس للانباء» عنه تصريحاته أوجه الاختلاف بين الصاروخ الجديد والصاروخ «شهاب 3» الذي يمكنه قصف اسرائيل وكان يعتبر من قبل أطول الصواريخ الايرانية مدى. وقال الوزير أمام تجمع لميليشيا الباسيج التي تجري مناورات هذا الاسبوع «ان بناء الصاروخ عاشوراء الذي يبلغ مداه 2000 كيلومتر يعد من انجازات وزارة الدفاع». وأضاف أيضا أن البحرية ستتسلم غواصة ايرانية جديدة اليوم. ولم يذكر الوزير تفاصيل أخرى عن السلاحين الجديدين. ويضيف الخبراء الغربيون أن بعض الاسلحة التي تقول ايران انها محلية الصنع تعتمد على معدات مقدمة من الصين وكوريا الشمالية أو على تعديلات لاسلحة أميركية اشترتها قبل الثورة الايرانية عام 1979، موضحين ان الجيش الايراني يمكنه تعطيل طرق شحن النفط بالخليج رغم أنه لا يضاهي القوات الاميركية تكنولوجيا.
وعلى صعيد المباحثات النووية، اعلن المتحدث باسم الحكومة الايرانية ان تعليق ايران تخصيب اليورانيوم ليس مدرجا على جدول اعمال المحادثات المتوقعة الجمعة بين المفاوض الايراني سعيد جليلي والممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا.
وقال غلام حسين الهام في مؤتمر صحافي ان «تعليق التخصيب اصبح من الماضي وليس مدرجا على جدول اعمال المحادثات». ولكن بروكسل اعلنت ان سولانا سيلتقي «على الأرجح» جليلي الجمعة في لندن لبحث رغبة ايران او عدمها في تعليق تخصيب اليورانيوم.
وأضاف الهام «لنا حقوق محددة وصون هذه الحقوق مبدأ». وكان سولانا قد قدم لايران في يونيو 2006 عرضا من الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا والمانيا) يقضي بتعاون سياسي واقتصادي واسع معها مقابل تعليقها تخصيب اليورانيوم. لكن ايران ما زالت ترفض تعليق انشطة التخصيب على الرغم من قرارين لمجلس الامن الدولي فرضا عقوبات عليها بسبب رفضها هذا. ومن المقرر ان يرفع سولانا بحلول نهاية الشهر الجاري الى الدول الست الكبرى تقريرا بشأن عرضها. ومن شأن رد سلبي من ايران ان يعزز الاصوات الغربية الداعية الى فرض عقوبات جديدة عليها.
November 28, 2007 12:24 AM