انفجار شيراز في إيران: 14 قتيلا و191 جريحا.. والغموض يلف ملابساته
محاولات ربط حادث انفجار حسينية سيد الشهداء بالبهائيين والسلفيين
لندن: علي نوري زاده
فيما حاولت مصادر تصوير حادث الانفجار الذي وقع ليلة السبت بحسينية سيد الشهداء في مدينة شيراز بإيران، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 14 قتيلاً و191 جريحاً، على أنه جريمة مذهبية ويقف وراءها السلفيون السنة أو البهائيون، أكد مسؤول في محفل شيراز (مركز سري لاتباع طريقة البهائية) على أن البهائيين لا يزاولون أي نشاط سياسي ناهيك من عمل عسكري أو إرهابي رغم تعرضهم للتمييز الطائفي والديني، وقتل المئات منهم فضلاً عن طردهم من الجامعات والوظائف الإدارية ومصادرة ممتلكاتهم. وما زال الغموض يلف الحادث وملابساته.
ففي البداية، ذكر مساعد لحاكم محافظة فارس، التي تشكل شيراز عاصمتها، حصول «اعتداء»، استبعد مسؤول الشرطة في المدينة هذا السيناريو فيما تكلم مسؤول وزارة الداخلية عن «حادث». وعرض التلفزيون لقطات ظهر فيها الزجاج المحطم وركام في موقع الانفجار حيث تجمع حشد من الذين ينتظرون اقرباءهم. ونقلت وكالة الانباء الايرانية فارس عن قائد قوات شرطة محافظة فارس العميد علي معيري ان «التحقيقات الاولية التي اجراها الخبراء اكدت عدم وقوع انفجار قنبلة» في المدينة.
من جهته، قال نائب وزير الداخلية عباس محتج لوكالة الانباء مهر ان «حادث الليلة الماضية.. عرضي قطعا. ندرس الاسباب لكن سبب الانفجار حتى الآن ليس واضحا». واضاف ان الانفجار «وقع ربما بسبب وجود معدات عرضت في مراسم (...) اقيمت في هذا المركز قبل فترة». واشار بذلك الى معرض عن الحرب الايرانية العراقية (1980 ـ 1988) كان يحوي الذخائر. واكد النائب عن شيراز محمد نبي رودكي في تصريحات لوكالة الانباء الطلابية الايرانية ان الانفجار قد يكون سببه مجهولون عمدا باشعال الذخائر التي استخدمت في الحرب على العراق والموجودة في المكان بمناسبة معرض، الا انه تحدث عن احتمال وقوع حادث او تفجير اجرامي. واضاف ان «هذه الكارثة قد تكون نجمت عن انفجار قذيفة هاون من عيار 81 ملم او تفجير قنبلة ادت الى انفجار القذيفة». ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن مدعي عام المدينة جابر بانيشي ان «تحقيقا قضائيا فتح لتحديد اسباب الانفجار واحتمال عملية تخريب».
ونفى المتحدث باسم علماء السنة في محافظة فارس أي علاقة لأهل السنة بحادث الانفجار، مشيراً إلى: أن استخبارات النظام اختلقت منذ فترة اصطلاحاً تتهم به أهل السنة لاسيما أولئك الذين يعترضون على التمييز الذي يمارسه النظام بحق 14 مليون سني في البلاد ممن حرسوا حدود إيران الشرقية والغربية والجنوبية طيلة القرون الماضية ورغم ذلك عليهم إثبات ولائهم لبلدهم بمبايعة الولي الفقيه والاعتراف بمبدأ ولاية الفقيه الذي يتعارض مع اعتقاداتهم الدينية القائمة على كتاب الله المبين وسنة رسوله الأمين (صلى الله عليه وسلم).
وحول حادث الانفجار، قال محمد قاسمي، وهو ممرض كان قريبا وقت الانفجار من الحسينية بحيث أسرع إلى انقاذ الجرحى، في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «لقد جئت إلى شيراز من مدينة كازرون صباح السبت كي أحضر جلسة امتحان في أحد مستشفيات شيراز حيث أرغب في الانضمام إلى فريقه الطبي، وعند مروري بمعسكر الإمام الحسين التابع للحرس، لفتت نظري الاعلانات والصور الملصقة بجدران حسينية سيد الشهداء التابع للمعسكر عن معرض حي تحت اسم «معراج الشهداء» حول تضحيات قتلى الحرب الإيرانية العراقية وبطولاتهم من قبل «نقابة السائرين على خط الوصل إلى الله» (الثقافية) التي تتخذ من حسينية سيد الشهداء مقرا لها. وقبل دخولي الحسينية بحثا عن مواعيد زيارة المعرض، وقع ما كان يبدو زلزالا بحيث سقطت على الارض قبل أن أسمع دوي الانفجار، الذي أعقبته صرخات الجرحى والناجين الذين كانوا يهرولون نحو أبواب الحسينية، ومظاهر الخوف بادية على وجوههم». وأوضح قاسمي بأن رجال الأمن وأفراد الحرس قاموا بمحاصرة الحسينية بعد دقائق من وقوع الانفجار، وقبيل وصول فرق الانقاذ المدني، واشار إلى أن حجة الإسلام «انجوي نجاد» ـ رئيس أركان مركز صلاة الجمعة بمحافظة فارس ـ الذي كان يخطب لجمع من الشبان ومن الباسيج وحوالي ثلاثين من الفتيات في الحسينية عند وقوع الانفجار قد خرج من الحسينية بمساعدة ضابط من الحرس بلا عمامته ووجهه مغطى بالدماء. وتابع: «تقدمت نحوه لمساعدته غير انه اكد لي بعدم اصابته بجروح وان حاله جيدة، وعلينا مساعدة الذين سقط سقف الحسينية على رؤوسهم». وذكر حجة الاسلام انجوي نجاد تصريحات نشرها موقع «السائرون على خط الوصل» حول الحادث تتناقض في مضمونها مع ما اصدرته سلطات الأمن والقوات النظامية ومكتب حائري امام صلاة الجمعة وممثل مرشد النظام في شيراز. ومما اورده انجوي نجاد في حديثه «وقع الانفجار بعد انتهاء حديثي في الحسينية حوالي التاسعة وعشر دقائق، وعقب فحوصات اجرتها فرق الانقاذ وخبراء الحرس تبين ان شخصا ما وضع عبوة ناسفة تحت مكان كانت تعرض فيه الوسائل الشخصية لبعض شهداء الحرب في معرض (معراج الشهداء) وشملت الوسائل، الخوذات وقنابل ضوئية والبزة العسكرية وطلقات رصاص وبدا ان انفجار العبوة تحت هذه الوسائل اسفر عن انفجار ثان بالجانب الجنوبي للحسينية حيث اقمنا المعرض. غير ان حائري امام صلاة الجمعة بمدينة شيراز وممثل خامنئي نفى بشكل قاطع بعد زيارته الحسينية، انه كانت هناك رصاصات او متفجرات او قنابل من مخلفات الحرب في المعرض.
ونقل موقع «تانباك» لمحسن رضائي قائد الحرس السابق وسكرتير مجمع تشخيص مصلحة النظام رواية «حميد هاشمي» أحد شهود الحادث وضابط في الحرس في تقريره الخاص، ومما جاء في الرواية: بسبب زيارة قائد الثورة (خامنئي) المرتقبة لمدينة شيراز كنا نقوم بتمارين لاستقبال القائد بالقرب من الحسينية (بمعسكر الامام الحسين) بحيث شهدنا ما جرى بعد الحادث، ان اهالي الشارع كانوا اول من دخلوا الحسينية لانقاذ الجرحى ومن ثم جاءت فرق الانقاذ والعديد من الضباط الكبار في القوات الانتظامية وامام صلاة الجمعة لمدينة شيراز، ما اثار البلبلة وبدلا من مطالبة المواطنين الذين جاءوا لانقاذ الجرحى بأدب وهدوء توسلوا (أي رجال الأمن والضباط) الى اساليب اخرى لطردهم من الحسينية. وأكد شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» ان رجال الأمن قاموا بضرب المواطنين في الحسينية بعد الحادث بالعصي ورفعوا سلاحهم في وجوههم.
April 14, 2008 04:41 PM