نصر الله يظهر تلفزيونيا لينفي تعرضه لتسمم ويعتبر الخبر حربا نفسية
لندن: علي نوري زادة . بيروت: سناء الجاك .تل أبيب: نظير مجلي
وصف إعلان كولومبيا عن كشف شبكة مخدرات وتبييض أموال لصالح الحزب بالأكاذيب
اكد الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، في حديث الى قناة المنار التابعة للحزب ان المعلومات التي نشرت في بعض الصحف والمواقع العربية حول تعرضه لحالة تسمم غير صحيحة. وقال «لا صحة لما ذكر لا جملة ولا تفصيلا، وهذا من اختراعات بعض المواقع الالكترونية التي نشرت هذا الأمر». وأضاف نصر الله في الحديث للقناة مساء اول من امس: «قد يكون الهدف هو جزء من الحرب النفسية التي تخاض عادة، ومن المعروف أن حزب الله هو في دائرة الاستهداف دائما على المستويات النفسية والمعنوية والإعلامية والشعبية والجماهيرية».
واعتبر ان «هناك محاولة للاساءة إلى صورة الحزب من خلال أكاذيب وادعاءات كالخبر الذي نشر في الآونة الأخيرة في موضوع كولومبيا (المتعلق بتبييض اموال وتهريب مخدرات لصالح الحزب)». وكانت السلطات الكولومبية قد اعلنت يوم الثلاثاء الماضي انها ضبطت شبكة المخدرات وغسيل الاموال في عملية دولية شملت القاء القبض على ثلاثة رجال يشتبه في تنسيقهم تهريب المخدرات وارسال بعض أرباحهم الى جماعات مثل حزب الله.
وقال مكتب النائب العام الكولومبي في بيان ان أكثر من 100 مشتبه بهم ألقي القبض عليهم في كولومبيا وخارجها بتهم تهريب المخدرات وغسيل الاموال لحساب عصابة نورتي ديل فالي الكولومبية وميليشيات محظورة في شبكة تمتد من أميركا الجنوبية الى اسيا. وقال نصر الله لقناة المنار: «للأسف الشديد أن بعض الفضائيات العربية نشرت الخبر ولم تنشر النفي. وهناك أيضا استهدافات من نوع آخر في الحديث عن انقسامات وخلافات وانشقاقات وصراع تيارات». واذ اشار نصر الله الى أن «الموقع الذي نشر هذه المعلومات هو موقع مجهول» في اشارة الى خبر تسميمه، انتقد «تلقف الخبر من قبل بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية ما يعني صلة ما لهذه المواقع باستهداف إسرائيلي معين على مستوى الحرب النفسية أو الجانب الإعلامي»، كما انتقد وسائل الإعلام العربية التي روجته. وكانت بعض المواقع الالكترونية والصحف قد نقلت عن موقع إلكتروني عراقي يدعى «الملف» أن نصر الله تعرّض لمحاولة اغتيال بواسطة السم، على غرار العملية التي تعرض لها خالد مشعل في العاصمة الاردنية عام 1997. وقال الموقع الذي نسب روايته الى ما سمّاه مصادر دبلوماسية عالية المستوى في بيروت ان «نصر الله نجا من الموت بعد تدخل طاقم طبي إيراني، ولكنه لم يُشف نهائيا بعد من آثار محاولة الاغتيال».
وفي قراءة لتكثيف الشائعات التي تتناول «حزب الله» وأمينه العام في هذه المرحلة الحرجة في المنطقة، يقول استاذ علم الاجتماع الدكتور طلال عتريسي لـ«الشرق الأوسط»: «إضافة الى كون هذه الشائعة جزءاً من حرب نفسية لا حدود لها، نتبين ان بناءها متقن ولا ينطلق من فرضية خيالية. فقد جرت قبل ذلك محاولة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل بالطريقة ذاتها. من هنا فإن الشائعة مبنية على سابقة موجودة. وبالتالي الفكرة متداولة وقابلة للتصديق».
واعتبر انه «لو لم يطل السيد حسن نصرالله عبر شاشة المنار وينفي الشائعة، ربما كانت حالة من الخوف قد تأسست لدى الناس. لكن يكفي ان يطل لتنتهي الشائعة. عندما يتعلق الموضوع بالحياة والموت لا يمكن استخدام هذه الوسيلة الا في فترات متباعدة». مدير الاخبار في «اذاعة صوت لبنان» شربل مارون يقول ان تأخير النفي كان لافتا، ويضيف ان محطته «لم تستخدم هذه الشائعة لأن لا مصداقية ولو بالحد الادنى للموقع الذي أطلقها». أما عن تداعيات الامر فيقول عتريسي: «الانطباع الاول لمثل هذه الشائعة التي تستهدف رجلا من قماشة حسن نصرالله هو ان أمنه مخترق، وبالتالي هو ليس بعيدا عن الاستهداف. والتساؤلات التي تثيرها في الاذهان قد لا يبددها اي بيان. ولا ننسى أن من يطلق الشائعة يحاول اطالة عمرها لتخدم هدفه». مارون يعلق على الامر فيقول: «لا نستطيع تقدير ذهن صانع الخبر. لا شك ان هناك صراعا سياسيا في مكان معين، مع الاشارة الى أن مصدر هذا الخبر ليس صانعه بالضرورة، وانما هو الوسيلة المستخدمة لإضعاف الخصم والتأثير على حزب الله. وبالتالي هذه الشائعة ليست الا حلقة من حلقات يفترض ان تتولى اوركسترا عملية توزيع آلية عملها وأهدافها، وتستخدم وسائل متعددة لتحصد التأثير المطلوب. هناك أمور ثانية متعلقة بحزب الله قد تظهر في أماكن متعددة. ولا يعني ذلك انها ستنجح. نجاحها مرتبط بالظروف والمتغيرات ليعرف صانعها اذا اعطت الرسالة النتيجة المتوخاة».
من جهة أخرى، أكد مصدر ايراني بمستشفى «بقية الله الاعظم» التابع للحرس الثوري ذهاب فريق طبي من المستشفى الى لبنان قبل حوالي اسبوع اثر نداءات عاجلة من ممثل الحرس بلبنان الذي طالب بايفاد بعثة طبية بشكل عاجل على ان تضم اخصائيين من مؤسسة رازي ومستشفى لقمان التخصصي في علاج التسمم. وربط المصدر الايراني الذي لم تؤكد روايته مصادر اخرى بين الخبر الذي نشرته صحيفة «خورشيد» لسان حال انصار الرئيس الايراني احمدي نجاد حول تعيين خليفة للامين العام لحزب الله هو ابن خالته، وبين مرض اصيب به نصر الله اثر تناوله دواء لتخفيف ضغط الدم تبين انها تحتوي على مادة اضافية.
وحسب هذا المصدر فانه بالنسبة للوضع الصحي للامين العام لحزب الله، فقد تحسن الوضع الصحي، قد تحسن بشكل ملحوظ عقب وصول الفريق الطبي الايراني الذي اجرى فحوصات سريعة في مستشفى خاص بالضاحية الجنوبية لبيروت أنشأته مؤسسة الشهيد لقادة حزب الله وأسرهم.
وقال مصدر متابع ان تأجيل اللقاء المقرر بين زعيم تيار المستقبل سعد الحريري وبين نصر الله كان مرده الوضع الصحي للأخير. وفي اسرائيل اكتفت الصحافة بنشر أخبار مفصلة عن تصريحات نصر الله، من دون تعليق رسمي أو غير رسمي. وقد يفهم من هذا ان الاسرائيليين يتعمدون تجاهل القضية، لكن قد يكون السبب ان الدوائر الحكومية الاسرائيلية لا تعمل من منتصف الجمعة وطيلة يوم السبت. وكان مصدر رسمي اسرائيلي قد نفى الأربعاء الأنباء التي نشرت في الغرب باسم «مصادر مكافحة الارهاب في أوروبا»، وقالت انها تقدر بأن «اسرائيل تقف وراء عملية تسميم نصر الله»، وقال المصدر الاسرائيلي ان هذه أنباء ملفقة. ولكن وسائل الاعلام الاسرائيلية اقتبست المصادر الغربية المذكورة وأضافت ان «تحقيقا جادا في الموضوع سيكشف بالتأكيد من يقف وراء عملية التسميم. فإذا كان السم من مادة كيماوية ذكية تكون عملية التسميم اسرائيلية، وإن كان من مادة عادية تكون عملية التسميم لبنانية أو عربية أو ايرانية».
ولكن وسائل الاعلام الاسرائيلية أضافت للخبر حول العملية في حينه ان أجهزة الأمن في اسرائيل والولايات المتحدة والغرب عموما يشعرون بالقلق من النشاط المتزايد لحزب الله في دول أميركا اللاتينية. وأما الشائعة التي نشرت في الأردن، الأسبوع الماضي، وقالت ان رئيس «الموساد» (جهاز المخابرات الاسرائيلية الخارجي)، الجنرال مئير دغان، قد تعرض لعملية (فيما بعد قالوا «محاولة اغتيال»)، في العاصمة الأردنية عمان، فقد تم نفيها في اسرائيل والأردن معا. ونشرت في اسرائيل بلهجة استخفاف، حيث ان دغان موجود في اسرائيل ولم يغادرها باتجاه عمان في الشهرين الماضيين.
وردا على سؤال حول ما إذا كان تأجيل اللقاء المرتقب بين زعيم كتلة المستقبل والأمين العام لحزب الله له علاقة بما نشر عن تعرض الأخير لمحاولة تسميم، قال مصدر مطلع إن التأجيل لم يرتبط بالأمر وإنما بحالة من الحذر سائدة بين الطرفين مردها ليس فقط الاعتبارات الأمنية وإنما ترقب من جانب فريق الحريري لما سوف يرد في التقرير المرتقب حول ما آلت إليه التحقيقات في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
October 25, 2008 11:37 PM