أحد أبرز مراجع قم ينفي تكفير السنة ويصدر فتوى "للتعايش" معهم
مراقبون: الفتوى تطور كبير لأنها صادرة عن مرجع "غير حكومي"
دبي- سعود الزاهد، حيان نيوف
أكد آية الله العظمى الشيخ حسين الوحيد الخراساني، أحد كبار مراجع قم الإيرانية، لـ"العربية.نت" إصداره فتوى تدعو للتعايش مع السنة، والوقوف إلى جانبهم في المرض والموت، ومساعدة المحتاج منهم، نافيا ما أورده موقع إخباري يتبع شخصية كبيرة في النظام الإيراني نقل عنه تكفير المذاهب السنية الأربعة. ووصف مراقبون هذه الفتوى بأنها " تطور كبير لأنها تأتي من مرجع شيعي تقليدي متعصب وغير حكومي، وبالتالي فإن جميع رجال الدين التقليديين في إيران يدعمون هذا التوجه".
من هو الخراساني ؟
ومعروف عن السيد حسين الوحيد الخراساني، 84 سنة، أنه من المراجع التقليديين للشيعة الإمامية في قم، وهو من المراجع السبعة الذين رشحهم مجمع مدرسي الحوزة العلمية بقم بعد وفاة آية الله الأراكي ليحظو بمؤهلات المرجع كامل الشروط. وتتلمذ في النجف الأشرف على يد آية الله العظمى السيّد محسن الطباطبائي الحكيم وآية الله أبو القاسم الخوئي، ثم عاد لتدريس الفقه في قم.
ويعرف عنه أن مرجع مستقل عن الحكومة، وهذا ما دفع الطلاب الشيعة القادمين من الخليج غير المحزبين سياسيا للتتلمذ على يده باعتباره مستقلا ويرفض استلام مهام حكومة مقلدا أبا القاسم الخوئي.
وتأتي هذه الفتوى عقب ما نشره موقع "تابناك" التابع لشخصية إيرانية بارزة بأن المرجع الخراساني اعتبر أصحاب المذاهب السنية الأربعة مشركون ، وهذا ما نفاه نجله للعربية.نت.
الدعوة للإحسان
وطرحت "العربية.نت" عدة أسئلة على السيد حسين الوحيد الخراساني من قبيل إن كانت هذه الفتوى سوف تخفف من التوتر الطائفي الموجود في الشرق الأوسط، إلا أنه رفض الخوض في هذه الموضوعات، مكتفيا بما أورده في فتواه.
وقال للعربية.نت :" أنا أتحدث عن كل من يشهد بوحدانية الله ورسالة خاتم الأنبياء، وأتوجه للشيعة إن من ظلمكم فلا تظلموه، ويعني هذا أن وظيفة الشيعة أن يكونوا على منتهى درجة الإحسان، والله لا ينهى عن المودة حتى بالنسبة للكفار".
وألمح السيد الخراساني إلى أن "التعايش وحسن الجوار أمر، والانحراف عن الطريقة الحقة أمر أخر"، مضيفا " هذا مبني على مقتضى الأدب الشيعي ..وخلاصة الكلام لا بد من المسامحة معهم".
نص الفتوى
وجاء في فتوى السيد حسين الوحيد الخراساني: "كل من يشهد بوحدانية الله تبارك وتعالى ويشهد برسالة خاتم الانبياء صلى الله عليه وآاله وسلم، فهو مسلم، ونفسه وعرضه وماله كنفس ومال وعرض اتباع المذهب الجعفري مصون ومحترم ومحقون".
وأضاف "وواجبكم الشرعي أن تعاشروا كل من يتشهد بالشهادتين ـ ولو أعتبروكم كفارا ـ بالمعروف وتتعاملوا معهم بالتي هي أحسن. واذا فُرض أن يتعاملوا معكم بالباطل، فلا بد أن تلتزموا أخلاق أئمتنا ولا تزيغوا عن طرق الحق والعدل الذي ألزمونا اتباعه".
وتابع "ولو مرض منهم احد فلا بد من عيادته وزيارته، ولو مات منهم ميت حضرتهم جناجزته وشيّعتموه، ولو قصدكم بحاجة لبيتم وقضيتم حاجته، ولا بد أن تسلموا لحكم الله تعالى الذي يقول:( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى). وأن تعملوا بقوله تعالى:( ولاتقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا)".
نفي ما أورده "تابناك"
وتأتي هذه الفتوى بعد شهر على ما نشره موقع" تابناك"، التابع لمحسن رضائي امين مجلس تشخيص مصلحة النظام القائد السابق للحرس الثوري، بان آية الله الوحيد الخراساني قد اعتبر ابناء المذاهب الاربعة المالكية والشافعية والحنبلية و الحنفية من المشركين وذلك استنادا الى رواية لمالك بن انس.
واضاف الموقع بانه انتقد بشدة شيخ الأزهر والشيخ يوسف القرضاوي لمواقفهم الأخيرة ضد الشيعة، حسب تعبيره.
إلا أن نجله والناطق باسمه "الحاج محسن" قال للعربية.نت " ما أورده موقع تابناك خطأ.. ونحن أوضحنا بأنه نقل خاطئ من الموقع عن الشيخ"، دون أن يدلي بأي معلومات أخرى.
مراقبون: تطور كبير
ووصف مراقب إيراني، مقيم في لندن، "فتوى التعايش" الصادرة عن الخراساني بأنها تطور كبير.
وقال الدكتور علي رضا نوري زاده للعربية.نت :" مكانة آية الله الوحيد الخراساني أرفع مكانة بين المراجع الإيرانيين؛ وذلك بالنظر لأنه ليس مرجعا حكوميا، ولأنه يمثل المؤسسة الدينية التقليدية التي لا تعترف بولاية الفقيه وتعارض تدخل الدين في السياسة، وذلك يمكن اعتباره امتدادا لآيات تقليديين مثل الخوئي في النجف".
وأضاف "في بداية عهد آية الله خامنئي وفي محاولة لتثبيت مرجعيته، والتي كانت تواجه معارضة قوية، قام النظام باختيار سبعة مراجع باعتبارهم المراجع الرسميين مثل الخراساني وخامنئي، إلا أن الخراساني قام بسحب رسالته الدينية للحيلولة دون اعتباره مرجعا رسميا حكوميا".
وأكد نوري زاده أنه " باعتبار الخراساني ممثلا للمؤسسة الشيعية التقليدية فهو متعصب في القضايا التي تخص الشيعة وأهل البيت، كما أنه كان يعارض محاولات النظام لتسييس المذهب الشيعي، وللتخلي عن بعض ثوابت المذهب لكسب رضا المذاهب الاسلامية الأخرى".
وقال " فتواه الأخيرة تمثل تطورا مهما جدا، وهذا معناه أن جميع رجال الدين التقليديين في إيران – وهؤلاء يشكلون الأغلبية- يدعمون هذا التوجه أي التقارب بين المذهبين الشيعي والسني".
واشار المراقب الإيراني على نوري زاده إلى أن " آية الله الراحل السيد حسين علوي البروجردي أرسل في الخمسينات والستينات من القرن الماضي موفدا وهو آية الله محمد تقي القمي إلى القاهرة، من أجل تبادل الآراء مع السنة، وحصل على شهادة من قبل الشيخ محمود شلتوت -شيخ الأزهر- بجواز الأخذ المذهب الشيعي باعتباره أحد المذاهب الاسلامية، ودار التقريب تم تأسيسها في عام 1956 إلا أن التوتر الذي حصل بين مصر وإيران أدى انقطاع الدار عن ممارسة أنشطتها".
وقال "يبدو الآن أن الخراساني -الذي يمثل الآيات التقليديين- أصدر جوازا بالتعامل مع السنة باعتبارهم مسلمين يمثلون خطا اخر في الدين، وهذا مهم جدا وأراه أكثر أهمية من جميع الفتاوى الصادرة من مراجع حكوميين لأنهم يصدرونها من أجل مكاسب سياسية، بينما هو اصدرها على اساس قناعته بأنه حان الوقت للتقارب بين المذاهب الاسلامية".
November 25, 2008 03:00 PM